عن يوم الحج الأكبر فقال: يوم عرفة. وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: إن يوم عرفة يوم الحج الأكبر. وأخرج ابن جرير عن الزبير نحوه.
ولا يخفاك أن الأحاديث الواردة في كون يوم النحر هو يوم الحج الأكبر هي ثابتة في الصحيحين وغيرهم من طرق، فلا تقوى لمعارضتها هذه الروايات المصرحة بأنه يوم عرفة. وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي أنه سئل:
هذا الحج الأكبر، فما الحج الأصغر؟ قال: عمرة في رمضان. وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن إسحاق قال: سألت عبد الله بن شداد عن الحج الأكبر فقال: الحج الأكبر يوم النحر، والحج الأصغر: العمرة. وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن مسعود قال: سئل سفيان بن عيينة عن البشارة تكون في المكروه فقال: ألم تسمع قوله (وبشر الذين كفروا بعذاب أليم).
سورة براءة الآية (4 - 6) الاستثناء بقوله (إلا الذين عاهدتم). قال الزجاج: إنه يعود إلى قوله (براءة) والتقدير: براءة من الله ورسوله إلى المعاهدين من المشركين إلا الذين لم ينقضوا العهد منهم. وقال في الكشاف: إنه مستثنى من قوله (فسيحوا) والتقدير: فقولوا لهم فسيحوا إلا الذين عاهدتم ثم لم ينقصوكم فأتموا إليهم عهدهم، قال: والاستثناء بمعنى الاستدراك كأنه قيل بعد أن أمروا في الناكثين، ولكن الذين لم ينكثوا فأتموا إليهم عهدهم ولا تجروهم مجراهم. وقد اعترض عليه بأنه قد تخلل الفاصل بين المستثنى، والمستثنى منه، وهو (وأذان من الله الخ). وأجيب بأن ذلك لا يضر لأنه ليس بأجنبي، وقيل إن الاستثناء من المشركين المذكورين قبله فيكون متصلا وهو ضعيف.
قوله (ثم لم ينقصوكم شيئا) أي لم يقع منهم أي نقص. وإن كان يسيرا، وقرأ عكرمة وعطاء بن يسار " ينقضوكم " بالضاد المعجمة: أي لم ينقضوا عهدكم، وفيه دليل على أنه كان من أهل العهد من خاس بعهده.
ومنهم من ثبت عليه، فأذن الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم بنقض عهد من نقض، وبالوفاء لمن لم ينقض إلى مدته (ولم يظاهروا عليكم أحدا) المظاهرة: المعاونة: أي لم يعاونوا عليكم أحدا من أعدائكم (فأتموا إليهم عهدهم) أي أدوا إليهم عهدهم تاما غير ناقص (إلى مدتهم) التي عاهدتموهم إليها وإن كانت أكبر من أربعة أشهر، ولا تعاملوهم معاملة الناكثين من القتال بعد مضي المدة المذكورة سابقا، وهي أربعة أشهر أو خمسون يوما على الخلاف السابق. قوله (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) انسلاخ الشهر: تكامله جزءا فجزءا إلى أن ينقضي كانسلاخ الجلد عما يحويه، شبه خروج المتزمن عن زمانه بانفصال المتمكن عن مكانه،