أرأيتم إن كان فيهم خمسون من المسلمين؟ قالوا: إن كان فيهم خمسون لم نعذبهم قال أربعون؟ قالوا وأربعون، قال ثلاثون؟ قالوا وثلاثون حتى بلغوا عشرة، قالوا: إن كان فيهم عشرة لم نعذبهم، قال: ما قوم لا يكون فيهم عشرة فيهم خير؟ قال قتادة: إنه كان في قرية لوط أربعة آلاف ألف إنسان، أو ما شاء الله من ذلك. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال: لما جاءت الملائكة إلى إبراهيم قالوا لإبراهيم: إن كان فيها خمسة يصلون رفع عنهم العذاب. وأخرج أبو الشيخ عن عمرو بن ميمون قال: الأواه الرحيم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: المنيب المقبل إلى طاعة الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال: المنيب المخلص.
سورة هود الآية (77 - 83) لما خرجت الملائكة من عند إبراهيم وكان بين إبراهيم وقرية لوط أربعة فراسخ جاءوا إلى لوط، فلما رآهم لوط وكانوا في صورة غلمان حسان مرد (سئ بهم) أي ساءه مجيئهم، يقال ساءه يسوءه، وأصل سئ بهم سوئ يقول بهم نقلت حركة الواو إلى السين فقلبت الواو ياء، ولما خففت الهمزة ألقيت حركتها على الياء. وقرأ نافع وابن عامر والكسائي وأبو عمرو بإشمام السين الضم (وضاق بهم ذرعا) قال الأزهري: الذرع يوضع موضع الطاقة، وأصله أن البعير يذرع بيده في سيره على قدر سعة خطوه: أي يبسطها، فإذا حمل عليه أكثر من طاقته ضاق ذرعه عن ذلك، فجعل ضيق الذرع كناية عن قلة الوسع والطاقة وشدة الأمر، وقيل هو من ذرعه القئ:
إذا غلبه وضاق عن حبسه. والمعنى أنه ضاق صدره لما رأى الملائكة في تلك الصورة خوفا عليهم من قومه لما يعلم من فسقهم وارتكابهم لفاحشة اللواط (وقال هذا يوم عصيب) أي شديد. قال الشاعر:
وإنك إن لم ترض بكر بن وائل * يكن لك يوم بالعراق عصيب يقال عصيب وعصيصب وعصوصب على التكثير: أي يوم مكروه يجتمع فيه الشر، ومنه قيل عصبة وعصابة: أي مجتمعو الكلمة، ورجل معصوب: أي مجتمع الخلق (وجاءه قومه يهرعون إليه) أي جاءوا لوطا، الجملة في محل نصب على الحال. ومعنى يهرعون إليه: يسرعون إليه. قال الكسائي والفراء وغيرهما من أهل اللغة: