بما أعد الله له من الجزاء العظيم. ومنذرين لمن عصاهم بما له عند الله من العذاب الوبيل، وقيل مبشرين في الدنيا بسعة الرزق وفى الآخرة بالثواب، ومنذرين مخوفين بالعقاب، وهما حالان مقدرتان: أي ما نرسلهم إلا مقدرين تبشيرهم وإنذارهم (فمن آمن وأصلح) أي آمن بما جاءت به الرسل (وأصلح) حال نفسه بفعل ما يدعونه إليه (فلا خوف عليهم) بوجه من الوجوه (ولا هم يحزنون) بحال من الأحوال، هذا حال من آمن وأصلح، وأما حال المكذبين فهو أنه يمسهم العذاب بسبب فسقهم: أي خروجهم عن التصديق والطاعة.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله (يصدفون) قال:
يعدلون. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله (يصدفون) قال: يعرضون، وقال في قوله (قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة) قال: فجأة آمنين، أو جهرة، قال: وهم ينظرون. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: كل فسق في القرآن فمعناه الكذب.
سورة الأنعام الآية (50 - 55) أمره الله سبحانه بأن يخبرهم لما كثر اقتراحهم عليه وتعنتهم بإنزال الآيات التي تضطرهم إلى الإيمان أنه لم يكن عنده خزائن الله حتى يأتيهم بما اقترحوه من الآيات. والمراد خزائن قدرته التي تشتمل على كل شئ من الأشياء، ويقول لهم: إنه لا يعلم الغيب حتى يخبرهم به ويعرفهم بما سيكون في مستقبل الدهر (ولا أقول لكم إني ملك) حتى تكلفوني من الأفعال الخارقة للعادة ما لا يطيقه البشر. وليس في هذا ما يدل على أن الملائكة أفضل من الأنبياء.
وقد اشتغل بهذه المفاضلة قوم من أهل العلم ولا يترتب على ذلك فائدة دينية ولا دنيوية. بل الكلام في مثل هذا من الاشتغال بما لا يعنى، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه (إن أتبع إلا ما يوحى إلي) أي ما أتبع إلا ما يوحيه الله إلي، وقد تمسك بذلك من لم يثبت اجتهاد الأنبياء عملا بما يفيده القصر في هذه الآية، والمسألة مدونة في الأصول والأدلة عليها معروفة. وقد صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال " أوتيت القرآن ومثله معه