ليكتسب لهم، وقارف فلان هذا الأمر: إذا واقعه، وقرفه: إذا رماه بالريبة، واقترف: كذب، وأصله اقتطاع قطعة من الشئ.
وقد أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: نزلت (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) في قريش (وما يشعركم) يا أيها المسلمون (أنها إذا جاءت لا يؤمنون). وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال: كلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قريشا فقالوا: يا محمد تخبرنا أن موسى كان معه عصى يضرب بها الحجر، وأن عيسى كان يحيى الموتى، وأن ثمود لهم ناقة فأتنا من الآيات حتى نصدقك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أي شئ تحبون أن آتيكم به؟ قالوا: تجعل لنا الصفا ذهبا، قال: فإن فعلت تصدقوني؟ قالوا: نعم، والله لئن فعلت لنتبعنك أجمعون، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعو، فجاءه جبريل فقال له: إن شئت أصبح ذهبا فإن لم يصدقوا عند ذلك لنعذبنهم، وإن شئت فاتركهم حتى يتوب تائبهم، فقال: بل يتوب تائبهم، فأنزل الله (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) إلى قوله (يجهلون). وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم) قال: لما جحد المشركون ما أنزل الله لم تثبت قلوبهم على شئ وردت عن كل أمر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه (وحشرنا عليهم كل شئ قبلا) قال: معاينة (ما كانوا ليؤمنوا) أي أهل الشقاء (إلا أن يشاء الله) أي أهل السعادة والذين سبق لهم في علمه أن يدخلوا في الإيمان. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة (وحشرنا عليهم كل شئ قبلا) أي فعاينوا ذلك معاينة. وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد قال: أفواجا قبيلا وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن) قال: إن للجن شياطين يضلونهم مثل شياطين الإنس يضلونهم، فيلتقي شيطان الإنس وشيطان الجن، فيقول هذا لهذا: أضلله بكذا وأضلله بكذا، فهو (يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا) وقال ابن عباس:
الجن هم الجان وليسوا شياطين، والشياطين ولد إبليس وهم لا يموتون إلا مع إبليس والجن يموتون، فمنهم المؤمن ومنهم الكافر. وأخرج أبو الشيخ عن ابن مسعود قال: الكهنة هم شياطين الإنس. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (يوحى بعضهم إلى بعض) قال: شياطين الجن يوحون إلى شياطين الإنس، فإن الله يقول (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم). وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة في الآية قال: من الإنس شياطين ومن الجن شياطين يوحى بعضهم إلى بعض. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس زخرف القول قال: يحسن بعضهم لبعض القول ليتبعوهم في فتنتهم. وقد أخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أمامة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " يا أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين الجن والإنس، قال: يا نبي الله الله وهل للإنس شياطين؟ قال: نعم، شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ".
وأخرج أحمد وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي ذر مرفوعا نحوه. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس (ولتصغى) لتميل. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عنه (ولتصغى) تزيغ (وليقترفوا) يكتسبوا.
سورة الأنعام الآية (113 - 114)