سورة يونس الآية (75 - 87) قوله (ثم بعثنا من بعدهم) معطوف على قوله (ثم بعثنا من بعده رسلا) والضمير في من بعدهم راجع إلى الرسل المتقدم ذكرهم، وخص موسى وهارون بالذكر مع دخولهما تحت الرسل لمزيد شرفهما وخطر شأن ما جرى بينهما وبين فرعون، والمراد بالملأ الأشراف، والمراد بالآيات: المعجزات، وهي التسع المذكورة في الكتاب العزيز (فاستكبروا) عن قبولها ولم يتواضعوا لها ويذعنوا لما اشتملت عليه من المعجزات الموجبة لتصديق ما جاء بها (وكانوا قوما مجرمين) أي كانوا ذوي إجرام عظام وآثام كبيرة، فبسبب ذلك اجترءوا على ردها، لأن الذنوب تحول بين صاحبها وبين إدراك الحق وإبصار الصواب - قيل وهذه الجملة معترضة مقررة لمضمون ما قبلها. قوله (فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا إن هذا لسحر مبين) أي فلما جاء فرعون وملأه الحق من عند الله وهو المعجزات لم يؤمنوا بها بل حملوها على السحر مكابرة منهم، فرد عليهم موسى قائلا (أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا) قيل في الكلام حذف، والتقدير: أتقولون للحق سحر فلا تقولوا ذلك، ثم استأنف إنكارا آخر من جهة نفسه فقال: (أسحر هذا) فحذف قولهم الأول اكتفاء بالثاني، والمجئ إلى هذا أنهم لم يستفهموه عن السحر حتى يحكى قالوه بقوله (أسحر هذا) بل هم قاطعون بأنه سحر، لأنهم قالوا (إن هذا لسحر مبين) فحينئذ لا يكون قوله
(٤٦٤)