وأبو الشيخ والبيهقي في سننه عن مجاهد في قوله (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله) قال: نزلت هذه الآية حين أمر محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه بغزوة تبوك. وأخرج ابن المنذر عن ابن شهاب قال: نزلت في كفار قريش والعرب (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) وأنزلت في أهل الكتاب (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله) الآية إلى قوله (حتى يعطوا الجزية) فكان أول من أعطى الجزية أهل نجران. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله) يعني الذين لا يصدقون بتوحيد الله (ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله) يعني الخمر والحرير (ولا يدينون دين الحق) يعني دين الإسلام (من الذين أوتو الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) يعني مذللون. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله (عن يد) قال: عن قهر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة في قوله (عن يد) قال: من يده ولا يبعث بها غيره. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي سنان في قوله (عن يد) قال عن قدرة. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله (وهم صاغرون) قال: يمشون بها متلتلين. وأخرج ابن أبي حاتم عنه قال: يلكزون. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سلمان في الآية قال: غير محمودين.
سورة براءة الآية (30 - 33) قوله (وقالت اليهود عزير بن الله) كلام مبتدأ لبيان شرك أهل الكتابين، وعزير مبتدأ وابن الله خبره، وقد قرأ عاصم والكسائي " عزير " بالتنوين، وقرأ الباقون بترك التنوين لاجتماع العجمة والعلمية فيه. ومن قرأ بالتنوين فقد جعله عربيا، وقيل إن سقوط التنوين ليس لكونه ممتنعا بل لاجتماع الساكنين، ومنه قراءة من قرأ - قل هو الله أحد الله الصمد -. قال أبو علي الفارسي وهو كثير في الشعر، وأنشد ابن جرير الطبري:
* لتجديني بالأمير برا * وبالقناة لامرا مكرا * إذا غطيت السلمي فرا * وظاهر قوله (وقالت اليهود) إن هذه المقالة لجميعهم، وقيل هو لفظ خرج على العموم ومعناه الخصوص لأنه لم يقل ذلك إلا البعض منهم. وقال النقاش: لم يبق يهودي يقولها؟ بل قد انقرضوا، وقيل إنه قال ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم جماعة منهم، فنزلت الآية متضمنة لحكاية ذلك عن اليهود، لأن قول بعضهم لازم لجميعهم.
قوله (وقالت النصارى المسيح ابن الله) قالوا هذا لما رأوا من إحيائه الموتى مع كونه من غير أب، فكان ذلك سببا لهذه المقالة، والأولى أن يقال: إنهم قالوا هذه المقالة لكون في الإنجيل وصفه تارة بابن الله وتارة بابن الإنسان، كما رأينا ذلك في مواضع متعددة من الإنجيل، ولم يفهموا أن ذلك لقصد التشريف والتكريم، أو لم