في الحجر، وقبر شعيب مقابل الحجر الأسود. وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه أن شعيبا مات بمكة ومن معه من المؤمنين، فقبورهم في غربي الكعبة بين دار الندوة وبين باب بنى سهم. وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن ابن إسحاق قال: ذكر لي يعقوب بن أبي مسلمة " أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا ذكر شعيبا قال:
ذاك خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه فيما يريدهم به، فلما كذبوه وتوعدوه بالرجم والنفي من بلادهم وعتوا على الله أخذهم عذاب يوم الظلة ".
سورة الأعراف الآية (94 - 100) قوله (وما أرسلنا في قرية من نبي) لما فصل الله سبحانه أحوال بعض الأنبياء مع أممهم، وهم المذكورون سابقا أجمل حال سائر الأمم المرسل إليها: أي وما أرسلنا في قرية من القرى من نبي من الأنبياء، وفى الكلام محذوف أي فكذب أهلها إلا أخذناهم، والاستثناء مفرغ: أي ما أرسلنا في حال من الأحوال إلا في حال أخذنا أهلها فمحل أخذنا النصب، والبأساء: البؤس والفقر، والضراء: الضر، وقد تقدم تحقيق معنى البأساء والضراء (لعلهم يضرعون) أي لكي يتضرعوا ويتذللوا، فيدعوا ما هم عليه من الاستكبار وتكذيب الأنبياء. قوله (ثم بدلنا) معطوف على أخذنا: أي ثم بعد الأخذ لأهل القرى بدلناهم (مكان السيئة) التي أصبناهم بها من البلاء والامتحان (الحسنة) أي الخصلة الحسنة: فصاروا في خير وسعة وأمن (حتى عفوا) يقال عفا كثر، وعفا درس، فهو من أسماء الأضداد. والمراد هنا: إنهم كثروا في أنفسهم وفى أموالهم: أي أعطيناهم الحسنة مكان السيئة حتى كثروا (وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء) أي قالوا هذه المقالة عند أن صاروا في الحسنة بعد السيئة: أي أن هذا الذي مسنا من البأساء والضراء، ثم من الرخاء والخصب من بعد هو أمر وقع لآبائنا قبلنا مثله، فمسهم من البأساء والضراء ما مسنا ومن النعمة والخير ما نلناه، ومعناهم: أن هذه العادة الجارية في السلف والخلف، وأن ذلك ليس من الله سبحانه ابتلاء لهم واختبارا لما عندهم، وفى هذا من شدة عنادهم وقوة تمردهم وعتوهم ما لا يخفى، ولهذا عاجلهم الله بالعقوبة ولم يمهلهم فقال (فأخذناهم بغتة) أي فجأة عقب أن قالوا هذه المقالة من دون تراخ ولا إمهال (و) الحال أن (هم لا يشعرون) بذلك ولا يترقبونه، واللام في (القرى) للعهد: أي (ولو أن أهل القرى)