أبي رجاء قال: سألت الحسن عن الأنفال وبراءة أسورتان أو سورة؟ قال: سورتان. وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن حذيفة قال: يسمون هذه السورة سورة التوبة، وهي سورة العذاب. وأخرج هؤلاء عن ابن عباس قال: في هذه السورة هي الفاضحة ما زالت تنزل، ومنهم حتى ظننا أنه لا يبقى منا أحد إلا ذكر فيها. وأخرج أبو الشيخ عن عمر نحوه. وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن زيد بن أسلم أن رجلا قال لعبد الله بن عمر سورة التوبة، فقال ابن عمر: وأيتهن سورة التوبة، ثم قال: وهل فعل بالناس الأفاعيل إلا هي؟ ما كنا ندعوها إلا المقشقشة. وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: يسمونها سورة التوبة، وإنها لسورة عذاب. وأخرج ابن المنذر عن ابن إسحاق قال: كانت براءة تسمى في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعده المبعثرة لما كشفت من سرائر الناس. وأخرج أبو الشيخ عن عبيد الله بن عبيد بن عمير قال: كانت براءة تسمى المنقرة نقرت عما في قلوب المشركين وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وأبو الشيخ والبيهقي في الشعب عن أبي عطية الهمداني قال: كتب عمر بن الخطاب: تعلموا سورة براءة وعلموا نساءكم سورة النور. ومن جملة الأقوال في حذف البسملة أنها كانت تعدل سورة البقرة أو قريبا منها، وأنه لما سقط أولها سقطت البسملة، روى هذا عن مالك بن أنس وابن عجلان. ومن جملة الأقوال في سقوط البسملة أنهم لما كتبوا المصحف في خلافة عثمان اختلف الصحابة فقال بعضهم: براءة والأنفال سورة واحدة، وقال بعضهم: هما سورتان، فتركت بينهما فرجة لقول من قال هما سورتان، وتركت بسم الله الرحمن الرحيم لقول من قال هما سورة واحدة، فرضي الفريقان. قاله خارجة وأبو عصمة وغيرهما. وقول من جعلهما سورة واحدة أظهر، لأنهما جميعا في القتال، وتعدان جميعا سابعة السبع الطوال.
سورة براءة الآية (1 - 3) قوله (براءة من الله ورسوله) برئت من الشئ أبرأ براءة، وأنا منه برئ: إذا أزلته عن نفسك وقطعت سبب ما بينك وبينه، وبراءة مرتفعة على أنها خبر مبتدأ محذوف: أي هذه براءة، ويجوز أن ترتفع على الابتداء لأنها نكرة موصوفة، والخبر (إلى الذين عاهدتم). وقرأ عيسى بن عمر (براءة) بالنصب على تقدير اسمعوا براءة، أو على تقدير التزموا براءة، لأن فيها معنى الإغراء، و " من " في قوله (من الله) لابتداء الغاية متعلق بمحذوف وقع صفة:
أي واصلة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم. وقرأ روح وزيد بنصب رسوله، وقرأ الباقون بالرفع. والعهد:
العقد الموثق باليمين. والخطاب في عاهدتم للمسلمين، وقد كانوا عاهدوا مشركي مكة وغيرهم بإذن من الله ومن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، والمعنى: الإخبار للمسلمين بأن الله ورسوله قد برئا من تلك المعاهدة بسبب