الابتداء على قول سيبويه، وعلى قول الأخفش يكون مرتفعا بالظرف على ما تقدم بيانه. ويجوز أن يكون تقديره فالذي ينوب عن صومه في وقت الصوم عدة من أيام أخر، فيكون (عدة) خبر الابتداء، و (أخر) لا ينصرف لأنه وصف معدول عن الألف واللام، لأن نظائرها من الصغر والكبر لا يستعمل إلا بالألف واللام لا يجوز نسوة صغر. (وإن تصوموا): في موضع رفع بالابتداء، و (خير) خبر له، و (لكم) صفة الخبر.
المعنى: (أياما معدودات) أي معلومات محصورات مضبوطات، كما يقال أعطيت مالا معدودا أي: محصورا متعينا. ويجوز أن يريد بقوله (معدودات) أنها قلائل، كما قال سبحانه: (دراهم معدودة) يريد أنها قليلة. واختلف في هذه الأيام على قولين أحدهما: أنها غير شهر رمضان، وكان ثلاثة أيام من كل شهر ثم نسخ، عن معاذ وعطا وعن ابن عباس وروي ثلاثة أيام من كل شهر، وصوم عاشورا، عن قتادة. ثم قيل: إنه كان تطوعا. وقيل: بل كان واجبا. واتفق هؤلاء على أن ذلك منسوخ بصوم شهر رمضان.
والآخر: إن المعني بالمعدودات شهر رمضان، عن ابن عباس والحسن، واختاره الجبائي، وأبو مسلم، وعليه أكثر المفسرين قالوا: أوجب سبحانه الصوم أولا فأجمله، ولم يبين أنها يوم أو يومان أم أكثر. ثم بين أنها أيام معلومات، وأبهم ثم بينه بقوله: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) قال القاضي: وهذا أولى، لأنه إذا أمكن حمله على معنى من غير إثبات نسخ، كان أولى، ولأن ما قالوه زيادة لا دليل عليه.
(فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر): عطف قوله (على سفر) وهو ظرف، على قوله (مريضا) وهو اسم، مع أن الظرف لا يعطف على الاسم، لأنه وإن كان ظرفا، فهو بمعنى الاسم، وتقديره: فمن كان منكم مريضا، أو مسافرا. فالذي ينوب مناب صومه عدة من أيام أخر. وفيه دلالة على أن المسافر والمريض، يجب عليهما الإفطار، لأنه سبحانه أوجب القضاء بنفس السفر والمرض. ومن قدر في الآية فأفطر، فقد خالف الظاهر.
وقد ذهب إلى وجوب الإفطار في السفر جماعة من الصحابة كعمر بن الخطاب،