إبراهيم وآل عمران على العالمين) أي.: على عالمي زمانهم بأن جعل الأنبياء منهم.
وقيل: اختار دينهم كقوله: (واسأل القرية) عن الفراء. وقيل: اختارهم بالتفضيل على غيرهم بالنبوة، وغيرها من الأمور الجليلة التي رتبها الله لهم في ذلك من مصالح الخلق. وقيل: اختار آدم بأن خلقه من غير واسطة، وأسكنه جنته، وأسجد له ملائكته، وأرسله إلى الملائكة والإنس واختار نوحا بالنبوة، وطول العمر، وإجابة دعائه، وغرق قومه، ونجاته في السفينة. واختار إبراهيم بالخلة، وتبريد النار، وإهلاك نمرود.
وقوله: (وآل إبراهيم وآل عمران) قيل: أراد به نفس إبراهيم، ونفس عمران كقوله:. (وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون) يعني موسى وهارون. وقيل: آل إبراهيم أولاده: إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط. وفيهم داود وسليمان ويونس وزكريا ويحيى وعيسى. وفيهم نبينا لأنه من ولد إسماعيل. وقيل: آل إبراهيم هم المؤمنون المتمسكون بدينه، وهو دين الاسلام، عن ابن عباس والحسن. وأما آل عمران فقيل: هم من آل إبراهيم أيضا، كما قال (ذرية بعضها من بعض) فهم موسى وهارون ابنا عمران، وهو عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب.
وقيل: يعني بآل عمران مريم وعيسى، وهو عمران بن الهشم بن أمون، من ولد سليمان بن داود، وهو أبو مريم، لأن آل الرجل أهل البيت الذي ينتسب إليه، عن الحسن ووهب. وفي قراءة أهل البيت وآل محمد " صلى الله عليه وآله وسلم " على العالمين.
وقالوا أيضا: إن آل إبراهيم هم آل محمد " صلى الله عليه وآله وسلم " الذين هم أهله، ويجب أن يكون الذين اصطفاهم الله تعالى مطهرين معصومين، منزهين عن القبائح، لأنه تعالى لا يختار ولا يصطفي إلا من كان كذلك، ويكون ظاهره مثل باطنه في الطهارة والعصمة. فعلى هذا يختص الاصطفاء بمن كان معصوما من آل إبراهيم وآل عمران، سواء كان نبيا أو إماما.
ويقال الاصطفاء على وجهين أحدهما: إنه اصطفاه لنفسه أي: جعله خالصا له، يختص به. والثاني: إنه اصطفاه على غيره أي: اختصه بالتفضيل على غيره، وعلى هذا الوجه معنى الآية.
فإن قيل: كيف اختصهم الله بالتفضيل قبل العمل؟ فالجواب: إنه إذا كان المعلوم أن صلاح المكلفين لا يتم إلا بهم، فلا بد من تقديم البشارة بهم، والإخبار