الذوق أي: لم يجد طعمه لا من الطعام والطعم يوجد في الماء، وفي الطعام جميعا.
(إلا من اغترف غرفة بيده) إلا من أخذ الماء مرة واحدة باليد. ومن قرأ بالضم فمعناه إلا من شرب مقدار ملء كفه (فشربوا منه) أي: شربوا كلهم أكثر من غرفة (إلا قليلا منهم). قيل: إن الذين شربوا منه غرفة، كانوا ثلاث مائة وبضعة عشر رجلا، عن الحسن وقتادة وجماعة. وقيل: أربعة آلاف رجل، ونافق ستة وسبعون ألفا. ثم نافق الأربعة الآلاف إلا ثلاثمائة وبضعة عشر، عن السدي. وقيل: من استكثر من ذلك الماء عطش، ومن لم يشرب إلا غرفة، روي وذهب عطشه. ورد طالوت عند ذلك العصاة منهم فلم يقطعوا معه النهر.
(فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه) معناه: فلما تخطى النهر طالوت والمؤمنون معه، وهم أصحابه. وروي عن البراء بن عازب وقتادة والحسن أنه إنما جاوز معه المؤمنون خاصة، كانوا مثل عدد أهل بدر. وقيل: بل جاوز المؤمنون والكافرون إلا أن الكافرين انعزلوا، وبقي المؤمنون على عدد أهل بدر، عن ابن عباس، والسدي، وهذا أقوى لقوله سبحانه: (فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه) فلما رأوا كثرة جنود جالوت (قالوا) أي: قال الكفار منهم: (لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده) فقال المؤمنون حينئذ الذين عددهم عدة أهل بدر: (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) قال أبو القاسم البلخي: ويجوز أن يكونوا كلهم مؤمنين، غير أن بعضهم أشد إيقانا، وأقوى اعتقادا، وهم الذين قالوا: كم من فئة قليلة إلى آخره.
(قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله) أي: راجعون إلى الله، وإلى جزائه. قيل في يظنون ثلاثة أقوال أحدها: إن معنى يظنون يستيقنون، عن السدي، كقول دريد بن الصمة:
فقلت لهم: ظنوا بألفي مدجج * سراتهم في الفارسي المسرد (1) أي: أيقنوا والثاني: إن معناه يحدثون نفوسهم، وهو أصل الظن، لأن حديث النفس بالشئ قد يكون مع الشك، وقد يكون مع العلم. إلا أنه قد كثر على ما كان مع الشك. والثالث: يظنون أنهم ملاقو الله بالقتل في تلك الوقعة (كم من فئة)