وكان في الطريق راهب، فكنت إذا مررت جلست عنده، فكان يخبرني من خبر السماء والأرض، ونحوا من ذلك، حتى اشتغلت عن كتابتي ولزمته، فأخبر أهلي المعلم، وقال: إن هذا الراهب قد أفسد ابنكم، قال: فأخرجوه، فاستخفيت منهم، قال: فخرجت معه حتى جئتنا الموصل، فوجدنا بها أربعين راهبا، فكان بهم من التعظيم للراهب الذي جئت معه شئ عظيم، فكنت معهم أشهرا، فمرضت، فقال راهب منهم: إني ذاهب إلى بيت المقدس، فأصلي فيه، ففرحت بذلك، فقلت: أنا معك، قال: فخرجنا، قال: فما رأيت أحدا كان أصبر على مشي منه، كان يمشي فإذا رآني أعييت، قال: ارقد وقام يصلي، فكان كذلك، لم يطعم يوما حتى جئنا بيت المقدس، فلما قدمناها رقد، وقال لي: إذا رأيت الظل هاهنا فأيقظني، فلما بلغ الظل ذلك المكان أردت أن أوقظه ثم قلت: شهر ولم يرقد، والله لادعنه قليلا، فتركته ساعة، فاستيقظ فرأى الظل قد جاز ذلك المكان، فقال: ألم أقل لك أن توقظني؟ قلت: قد كنت لم تنم، فأحببت أن أدعك أن تنام قليلا، قال إني لا أحب أن يأتي علي ساعة إلا وأنا ذاكر الله تعالى فيها، قال: ثم دخلنا بيت المقدس فإذا سائل مقعد يسأل، فسأله، فلا أدري ما قال له فقال له المقعد: دخلت ولم تعطني شيئا، وخرجت ولم تعطني شيئا، قال: هل تحب أن تقوم؟ قال: فدعا له، فقام، فجعلت أتعجب واتبعه (1) فسهوت، فذهب الراهب، ثم خرجت أتبعه (2)
(٤١٩)