الطحين الجيد الناعم، فقال: هذا بعثه إليكم صاحب المنزل، وهو معتكف في مسجد الكوفة فلما جاء المولى من الاعتكاف، أخبرته زوجته بأن الطعام الذي بعثه مع الأعرابي طعام حسن، فحمد الله تعالى، وما كان له خبر منه " (1) وقال في روضات الجنات: " يحكى أن بعض الزوار، رآه في النجف فحسبه لرثة (2) ثيابه بعض الفقراء المتكسبين، فسأله: هل تغسل هذه الثياب بالأجرة؟
قال: نعم، وواعده مكانا في الصحن ليأتي بها إليه في الغد، فأخذها وغسلها بنفسه، وأتى إلى الصحن في الوقت المضروب فوجد صاحبها هناك فدفعها إليه و أراد أن يعطيه الأجرة فامتنع فأخبره بعض المارة: إن هذا هو المقدس الأردبيلي العالم الشهير، فوقع على أقدامه معتذرا بأنه لم يعرفه، فقال: لا بأس عليك، إن حقوق اخواننا المؤمنين أعظم من هذا.
قال: وكان يأكل ويلبس ما يصل إليه بطريق الحلال رديا أم جيدا ويقول:
المستفاد من الأحاديث الكثيرة وطريقة الجمع بين الأخبار إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده عند السعة، كما يحب الصبر على القناعة عند الضيق، فكان لا يرد من أحد شيئا، ومتى أهدي إليه شئ من الثياب النفيسة لبسه فكانت تهدى إليه العمامة الغالية الثمن فيلبسها ويخرج بها إلى الزيارة، فإذا سأله أحد شيئا قطع له قطعة منها وأعطاه إياها إلى أن يبقى على رأسه يسير منها فيعود إلى بيته، ويلبس غيرها (3).
وفي روضات الجنات عن حدائق المقربين ما ملخصه: " نقل إن منزله كان بجنب المولى ميرزا جان الباغندي شريكه في الدرس، فكان الباغندي يسهر أكثر الليل في المطالعة، والأردبيلي ينام من أول الليل، ثم. ينهض في السحر لصلاة الليل، وبعد الفراغ يفكر فيما فكر فيه الباغندي من أول الليل إلى أخره فيفهم في هذا التفكير القصير ما لم يكن فهمه الباغندي في التفكير الطويل.
وكان في عصره الشاه عباس الأول الصفوي، وكان الشاه يبالغ في تعظيمه في الغياب ويتعاهده بالصلة، ويكتب إليه بالتوجه إلى بلاد إيران، فيجيبه