وقد كان في ما ورثوه عن أئمتهم عليهم السلام من ثروة علمية هائلة غنى لهم عن اللجأ إلى الرأي والقياس، فما من شئ يحتاج إلى تشريع إلا وفي أحاديث أهل البيت عليهم السلام ما يتصدى لبيان حكمه بوجه من الوجوه.
غير أن هذا الميراث العظيم بوحدة لم يكن ليضع عن الطالبين لأحكام الشرع كل جهد، ولم يكن تحصيل الحكم الشرعي منها على درجة من السهولة بحيث يتاح (1) ذلك الكل أحد من الناس بل كانت معرفة الحكم الشرعي من خلال أحاديث أهل البيت عليهم السلام على ما هي عليه من غزارة ووفرة - مكتنفة بعدة صعوبات:
1 - إن في أحاديث أهل البيت عليهم السلام عاما وخاصا ومطلقا ومقيدا ومجملا ومبينا فاستفادة الحكم الشرعي منها يتوقف على إحاطة، كمية وكيفية بأحاديثهم أولا، وعلى معرفة القواعد والأساليب التي لا بد من اتباعها في حمل المطلق على المقيد، أو العام على الخاص، أو المجمل على المبين ثانيا.
2 - إن الرواسب النفسية والسوابق والمرتكزات الذهنية والعوامل الذاتية تؤثر في فهم النصوص والعبارات، ولذلك نرى الأفهام تختلف في ما تتلقاه من عبارة واحدة، وعليه فلا بد من اكتشاف القواعد والأساليب الأولية التي تجري عليها الأذهان السلمية في التفاهم بالعبارات، ولا بد من الاستعانة بها في فهم الأحاديث.
3 - إن في التشريع الاسلامي جانبا متغيرا متطورا لم يتعرض الاسلام فيه بتشريع تفصيلي ثابت لارتباطه بالجوانب المتغيرة من حياة الانسان، بل جاء فيه بتشريعات عامة وترك لولي الأمر مسؤولية تفاصيله، وهو ما يسمى ب " منطقة الفراغ " ولا بد لولي الأمر أن يتوفر على شرائط منها، العلم الكامل بالشريعة، و العدالة البالغة حد الملكة.
4 - ما يجده المراجع للأحاديث المروية عن أهل البيت عليهم السلام من التعارض بينها في بعض الأحايين، والسبب في ذلك أحد أمور.