____________________
بهما، ومبدأ لاستعداده لقبول السعادة والشقاوة، وميله إليهما، ولا يقتضي ذلك الجبر، لأن الجبر إنما يلزم لو خلقه من ماء أجاج فقط فإن ذلك كان يوجب انتفاء القدرة على الخير، والظاهر أن السعادة والشقاوة يطلقان على هذا السبب أيضا. وبالجملة هما في الحقيقة الحالتان المذكورتان، وإطلاقهما على السببين المذكورين توسع من باب تسمية الشيء باسم سببه (1).
إذا عرفت ذلك فقوله عليه السلام: «إن الله خلق السعادة والشقاوة قبل أن يخلق الخلق» معناه قدرهما قبل تقدير الخلق، أو قبل إيجاده فلا يرد أنهما أمر عرضي له، كيف يتصور تحققه قبل تحقق معروضه؟.
هذا إن أريد بهما الحالتان المذكورتان، أو السبب القريب، وإن أريد بهما سببهما البعيد فيحتمل أن يراد بخلقهما: تقديرهما، وأن يراد به ايجادهما، لأن مبدأ الخير والشر ما أوجده الله تعالى في مبدأ الإنسان الذي هو الماء الذي اختمرت به طينته، وقوله عليه السلام: «فمن خلقه الله سعيدا» أي من كان تقديره أو ايجاده مقرونا بسعادته في علم الله، فلا يرد أن سعادته مكسوبة لا أنه تعالى موجد لها، على ما هو الحق عند الإمامية وقس على ذلك قوله عليه السلام: «وإن كان شقيا» إلا أن في تغيير أسلوب العبارة في طرف الشقي إيماء لطيفا إلى أنه تعالى لا يخلق أحدا شقيا، وإنما الشقاوة من كسب العبد، بخلاف السعادة فإنها أيضا وان كانت من كسبه إلا أنه لحسن استعداده صار محلا للطفه تعالى به وتوفيقه له في اكتسابها، فكأنه تعالى خالق لها (2)، انتهى كلامه ملخصا.
وبهذا التقرير ظهر معنى قوله عليه السلام: «فمن كان من أهل السعادة» إلى آخره، وفي قوله عليه السلام: «ختمت له بها» إيذان بأن من كان من أهل السعادة
إذا عرفت ذلك فقوله عليه السلام: «إن الله خلق السعادة والشقاوة قبل أن يخلق الخلق» معناه قدرهما قبل تقدير الخلق، أو قبل إيجاده فلا يرد أنهما أمر عرضي له، كيف يتصور تحققه قبل تحقق معروضه؟.
هذا إن أريد بهما الحالتان المذكورتان، أو السبب القريب، وإن أريد بهما سببهما البعيد فيحتمل أن يراد بخلقهما: تقديرهما، وأن يراد به ايجادهما، لأن مبدأ الخير والشر ما أوجده الله تعالى في مبدأ الإنسان الذي هو الماء الذي اختمرت به طينته، وقوله عليه السلام: «فمن خلقه الله سعيدا» أي من كان تقديره أو ايجاده مقرونا بسعادته في علم الله، فلا يرد أن سعادته مكسوبة لا أنه تعالى موجد لها، على ما هو الحق عند الإمامية وقس على ذلك قوله عليه السلام: «وإن كان شقيا» إلا أن في تغيير أسلوب العبارة في طرف الشقي إيماء لطيفا إلى أنه تعالى لا يخلق أحدا شقيا، وإنما الشقاوة من كسب العبد، بخلاف السعادة فإنها أيضا وان كانت من كسبه إلا أنه لحسن استعداده صار محلا للطفه تعالى به وتوفيقه له في اكتسابها، فكأنه تعالى خالق لها (2)، انتهى كلامه ملخصا.
وبهذا التقرير ظهر معنى قوله عليه السلام: «فمن كان من أهل السعادة» إلى آخره، وفي قوله عليه السلام: «ختمت له بها» إيذان بأن من كان من أهل السعادة