الثانية: أن يكون مضمونه موافقا مع الكتاب والسنة توافقا روحيا بمعنى أن يتسانخ مع المبادئ الثابتة من الشريعة الاسلامية من خلال نصوصها القطعية ولو في مستوى التناسب والاستئناس.
ومبنى اعتبار هذا المعنى في قبول الخبر دخالته في الوثوق به عقلاء، بناء على ما هو الصحيح من حجية الخبر الموثوق به دون خبر الثقة على ما أوضحناه في بحث حجية خبر الواحد من علم الأصول، فإنه كلما كانت هناك مجموعتان منسوبتان إلى شخص أو جهة وكانت إحداهما مقطوعة الانتساب والأخرى مشكوكة، فإنه لا بد في الوثوق بالمجموعة الثانية من الرجوع إلى المجموعة الأولى باعتبارها السند الثابت في الموضوع.
وملاحظة روحها وخصائصها العامة، ثم عرض تلك المجموعة على تلك المبادئ المستنبطة فما وافقها قبل وما خالفها رد.
وربما تداول إجراء مثل هذه الطريقة في تحقيق الكتب أو الاشعار المشكوكة النسبة ونحوها فإنها تقارن بما ثبت عن الشخص ثبوتا قطعيا، بعد درس مميزاته وخصائصه ثم يحكم فيها على ضوء ذلك فلو فرضنا إن شعرا نسب إلى مثل الرضي أو مهيار الديلمي أو إلى حافظ أو سعدي، وهو لا ينسجم مع ما عرف به من أسلوب ومن صفات نفسية ومميزات فكرية فإنه لا تقبل النسبة لان كان الذي نسبه إليه رجل ثقة. وبمثل ذلك أبطل بعضهم دعوى قوم أن بعض نهج البلاغة مصنوع ومختلق، ففي شرح ابن أبي الحديد لنهج البلاغة عن مصدق بن شبيب الواسطي إنه قال قلت لأبي محمد عبد الله ابن احمد المعروف بابن الخشاب - في كلام عن الخطبة الشقشقية -:
(أتقول: إنها منحولة! فقال: لا والله، وإني لاعلم أنها كلامه كما أعلم أنك مصدق. قال فقلت له: إن كثيرا من الناس يقولون إنها من كلام الرضي (ره) فقال: إن للرضي ولغير الرضي هذا النفس وهذا الأسلوب. قد وقفنا على