برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى رحالكم، ثم قال لما بلغه أنهم قالوا: يعطي صناديد نجد ويدعنا: إنما فعلت ذلك لا تألفهم كما في صحيح مسلم. وقد ذهب إلى جواز التأليف العترة والجبائي والبلخي وابن مبشر. وقال الشافعي: لا نتألف كافرا، فأما الفاسق فيعطى من سهم التأليف. وقال أبو حنيفة وأصحابه، قد سقط بانتشار الاسلام وغلبته، واستدلوا على ذلك بامتناع أبي بكر من إعطاء أبي سفيان وعيينة والأقرع وعباس بن مرداس، والظاهر جواز التأليف عند الحاجة إليه، فإذا كان في زمن الامام قوم لا يطيعونه إلا للدنيا، ولا يقدر على إدخالهم تحت طاعته بالقسر والغلب فله أن يتألفهم، ولا يكون لفشو الاسلام تأثير، لأنه لم ينفع في خصوص هذه الواقعة، وقد عد ابن الجوزي أسماء المؤلفة قلوبهم في جزء مفرد فبلغوا نحو الخمسين نفسا.
باب قول الله تعالى وفي الرقاب وهو يشمل بعمومه المكاتب وغيره. وقال ابن عباس: لا بأس أن معتق من زكاة ماله ذكره عنه أحمد والبخاري. وعن البراء بن عازب قال:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: دلني على عمل يقربني إلى الجنة ويبعدني من النار، فقال: أعتق النسمة وفك الرقبة، قال: يا رسول الله أو ليسا واحدا؟ قال: لا عتق النسمة أن تنفرد بعتقها، وفك الرقبة أن تعين في ثمنها رواه أحمد والدارقطني. وعن أبي هريرة:
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ثلاثة كلهم حق على الله عونه: الغازي في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح المتعفف رواه الخمسة إلا أبا داود.
حديث البراء بن عازب قال في مجمع الزوائد: رجاله ثقات، وحديث أبي هريرة قال الترمذي: حسن صحيح. قوله: المكاتب وغيره قد اختلف العلماء في المراد بقوله تعالى: * (وفي الرقاب) * (التوبة: 60) فروي عن علي بن أبي طالب وسعيد بن جبير والليث والثوري والعترة والحنفية والشافعية وأكثر أهل العلم أن المراد به المكاتبون يعانون من الزكاة على الكتابة. وروي عن ابن عباس والحسن البصري ومالك وأحمد بن حنبل وأبي ثور وأبي عبيد وإليه مال البخاري وابن المنذر أن المراد بذلك أنها تشتري رقاب لتعتق، واحتجوا بأنها لو اختصت بالمكاتب لدخل في حكم الغارمين لأنه غارم، وبأن