التوفيق، ولعمري لقد خالف المالكيون ههنا أصولهم (1) فإنه لا مؤنة عليهم من الاخذ بمثلها في الدناءة والرذالة إذا وافق تقليدهم وقالوا: أيضا قد اتفقنا على جواز الخيار ثلاثا واختلفنا فميا زاد * قال أبو محمد: وهذا كذب ما وفقوا قط على ذلك، وهذا مالك لا يجيز الخيار في الثوب الا يومين فأقل ولا في الدابة الا اليوم فأقل فبطل كل ما موهوا به وبالله تعالى التوفيق * ويعارضون بالخبر الذي فيه النهى عن تلقى الركبان فمن تلقى شيئا من ذلك فصاحبه بالخيار إذا أتى السوق وهو خبر صحيح وفيه الخيار إلى دخول السوق ولعله لا يدخله إلا بعد عام فأكثر، وسنذكره باسناده بعد هذا إن شاء الله تعالى، فظهر فساد أقوال هؤلاء جملة وانها آراء أحدثوها متخاذلة لا أصل لها ولا سلف لهم فيها * وقال ابن أبي ليلى: شرط الخيار في البيع جائز لهما أو لأحدهما أو لأجنبي ويجوز إلى أجل بعيد أو قريب * وقال الليث: يجوز الخيار إلى ثلاثة أيام فأقل * وقال الحسن بن حي: يجوز شرط الخيار في البيع ولو شرطاه أبدا فهو كذلك لا أدرى ما الثلاث الا أن المشترى ان باع ما اشترى بخيار فقد رضيه ولزمه وإن كانت جارية بكرا فوطئها فقد رضيها ولزمته * وقال عبيد الله بن الحسن:
لا يعجبني شرط الخيار الطويل في البيع إلا أن الخيار للمشترى ما رضى البائع * وقال ابن شبرمة. وسفيان الثوري. لا يجوز البيع إذا شرط فيه الخيار للبائع أو لهما، وقال سفيان:
البيع فاسد بذلك فان شرط الخيار للمشترى عشرة أيام أو أكثر جاز، وروينا في ذلك عن المتقدمين آثارا كما روينا من طريق وكيع نا زكريا - هو ابن أبي زائدة - عن الشعبي قال:
اشترى عمر فرسا واشترط حبسه ان رضيه وإلا فلا بيع بينهما بعد فحمل عمر عليه رجلا فعطب الفرس فجعلا بينهما شريحا فقال شريح لعمر: سلم ما ابتعت أورد ما أخذت فقال عمر:
قضيت بمر الحق * وروينا عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن عمر وبن دينار عن عبد الرحمن بن فروخ عن أبيه قال: اشترى نافع بن عبد الحارث من صفوان بن أمية بن خلف دارا للسجن بأربعة آلاف فان رضى عمر فالبيع بيعه وان لم يرض (2) فلصفوان أربعمائة درهم فأخذها عمر * وبه إلى سفيان الثوري عن عبد الله بن دينار قال: سمعت ابن عمر يقول: كنت ابتاع ان رضيت حتى ابتاع عبد الله بن مطيع نجيبة ان رضيها فقال: إن الرجل ليرضى ثم يدعى فكأنما أيقظني فكان يبتاع ويقول: ها ان اخذت * ومن طريق عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني سليمان بن البرصاء قال: بايعت ابن عمر بيعا فقال لي: إن جاءتنا نفقتنا إلى ثلاث ليال فالبيع بيعنا وان لم تأتنا نفقتنا إلى ذلك فلا بيع بيننا وبينك ولك سلعتك