الذي لم ينصفه حاضرا طالبا حقه فهو عاص في أنه لم ينصفه وهما قضيتان أصاب في إحداهما وظلم في الأخرى والحق لا يبطله ظلم فاعله في قصة أخرى. وحق الغريم إنما هو في ذمة المدين لا في عين ماله ما دام حيا لم يفلس، فإذ ذلك كذلك فقد نفذ الذي أعطى ما أعطاه بحق (1) ولزمه أن ينصف من بقي إذ حقه في ذمته لا في عين ما أعطى الآخر ولم يأت (2) نص في الفرق بين صحيح. ومريض، وما نعلم لهما في قولهما هذا سلفا، وأما قولهما فيمن اشترى ولده في مرضه فلم يحمله الثلث انه لا يرثه فان حمله الثلث عتق وورث فقول في غاية الفساد والمناقضة، ولا نعلم لهما فيه سلفا متقدما لأنه إن كان وصية فالوصية للوارث لا تجوز فينبغي على أصلهم أن لا ينفذ عتقه أصلا حمله الثلث أو لم يحمله، وقد قال بهذا بعض الشافعيين، وقال آخرون منهم: الشراء فاسد لأنه وصية لوارث وإن كان ليس وصية فما باله لا يرث وقد صار حرا بملك أبيه لم ثم مناقضتهم في المريض يطأ أمته فتحمل انها من رأس ماله حرة ويرثه ولدها، فان قالوا: حملها ليس من فعله قلنا:
لكن وطئه لها من فعله واقراره بولدها من فعله، وعتق الولد في كل حال ليس من فعله:
وأما قول مالك في الحامل فقول أيضا لا نعلم له فيه سلفا، واحتج له بعض مقلديه بقول الله تعالى: (فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما) * قال أبو محمد: وهذا ايهام منهم للاحتجاج بما لا حجة لهم فيه أصلا لان الله تعالى لم يقل: ان الأثقال لم تكن الا بتمام ستة أشهر فظهر تمويههم بما ليس لهم فيه متعلق، ثم ليت شعري من لهم بأن الأثقال جملة يدخلها في حكم المريض وقد يحمل الحمال حملا ثقيلا فلا يكون بذلك في حكم المريض عندهم، فان قالوا: قد تلد لستة أشهر قلنا: وقد تسقط قبل ذلك والاسقاط أخوف من الولادة أو مثلها فظهر فساد هذا القول جملة وبالله تعالى التوفيق * قال على: ثم نأخذ بحول الله تعالى وقوته في قول من قال: بأن أفعال المريض ومن خيف عليه الموت من الثلث * قال أبو محمد: احتجوا بالخبر الثابت المشهور من طريق ابن سيرين. وأبى المهلب كلاهما عن عمران بن الحصين: (أن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجزأهم أثلاثا ثم أقرع بينهم فاعتق اثنين وأرق أربعة) وجاء في بعض الروايات أنه عليه السلام قال فيه قولا شديدا * وبالخبر الصحيح الثابت من طريق مالك. وابن عيينة. وإبراهيم بن سعد عن الزهري عن عامر بن سعد