ولهذا قيل أول من أسلم من الرجال أبو بكر ومن الصبيان علي ومن النساء خديجة ومن العبيد بلال، وقال عروة أسلم علي والزبير وهما ابنا ثمان سنين وبايع النبي صلى الله عليه وسلم ابن الزبير لسبع أو ثمان سنين ولم يرد النبي صلى الله عليه وسلم على أحد اسلامه من صغير ولا كبير فاما قول النبي صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن ثلاث) فلا حجة لهم فيه فإن هذا يقتضي أن لا يكتب عليه ذلك والاسلام يكتب له لا عليه ويسعد به في الدنيا والآخرة فهو كالصلاة تصح منه وتكتب له وان لم تجب عليه وكذلك غيرها من العبادات المحضة فإن قيل فإن الاسلام يوجب الزكاة عليه في ماله ونفقة قريبه المسلم ويحرمه ميراث قريبه الكافر ويفسخ نكاحه قلنا اما الزكاة فإنها نفع لأنها سبب الزيادة والنماء وتحصين المال والثواب. وأما الميراث والنفقة فامر متوهم وهو مجبور بميراثه من أقاربه المسلمين وسقوط نفقة أقاربه الكفار ثم إن هذا الضرر مغمور في جنب ما يحصل له من سعادة الدنيا والآخرة وخلاصه من شقاء الدارين والخلود في الجحيم فينزل منزلة الضرر في أكل القوت المتضمن فوت ما يأكله وكلفة تحريك فيه لما كان بقاؤه به لم يعد ضررا والضرر في مسئلتنا في جنب ما يحصل من النفع أدنى من ذلك بكثير إذا ثبت هذا فإن الخرقي اشترط لصحة اسلامه شرطين (أحدهما) أن يكون له عشر سنين لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بضربه على الصلاة لعشر (والثاني) أن يعقل الاسلام ومعناه أن يعلم أن الله تعالى ربه لا شريك له وأن محمدا عبده
(٨٩)