كالخوارج فقد ذكرنا أن أكثر الفقهاء لم يحكموا بكفرهم مع استحلالهم دماء المسلمين وأموالهم وفعلهم لذلك متقربين به إلى الله تعالى وكذلك لم يحكم بكفر ابن ملجم مع قتله أفضل الخلق في زمنه متقربا بذلك، ولا يكفر المادح له على هذا المتمني مثل فعله فإن عمران بن حطان قال فيه يمدحه لقتل علي يا ضربة من تقي ما أراد بها * الا ليبلغ عند الله رضوانا إني لا ذكره يوما فأحسبه * أو في البرية عند الله ميزانا وقد عرف من مذهب الخوارج تكفير كثير من الصحابة ومن بعدهم واستحلال دمائهم وأموالهم واعتقادهم التقرب بقتلهم إلى ربهم ومع هذا لم يحكم الفقهاء بكفرهم لتأويلهم وكذلك يخرج في كل محرم استحل بتأويل مثل هذا، وقد روي أن قدامة بن مظعون شرب الخمر مستحلا لها فأقام عمر عليه الحد ولم يكفره وكذلك أبو جندل بن سهيل وجماعة معه شربوا الخمر بالشام مستحلين لها مستدلين بقول الله تعالى (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا) الآية فلم يكفروا وعرفوا تحريمها فتابوا وأقيم عليهم الحد، فيخرج فيمن كان مثلهم مثل حكمهم وكذلك كل جاهل بشئ يمكن أن يجهله لا يحكم بكفره حتى يعرف ذلك وتزول عنه الشبهة ويستحله بعد ذلك وقد قال أحمد من قال الخمر حلال فهو كافر يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه وهذا محمول على من لا يخفى على مثله تحريمه لما ذكرنا، فأما ان اكل لحكم خنزير أو ميتة أو شرب خمرا لم يحكم بردته
(٨٦)