روى سعيد بن منصور عن عبد الله بن المبارك عن صفوان بن عمرو عن حوشب بن سيف قال غزا الناس الروم وعليهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فغل رجل مائة دينار فلما قسمت الغنيمة وتغرق الناس ندم فاتي عبد الرحمن فقال قد غللت مائة دينار فاقبضها قال قد تفرق الناس فلن أقبضها منك حتى توافي الله بها يوم القيامة فاتى معاوية فذكر ذلك له فقال له مثل ذلك فخرج وهو يبكي فمر بعبد الله بن الشاغر السكسكي فقال ما يبكيك؟ فأخبره فقال إنا لله وانا إليه راجعون أمطيعي أنت يا عبد الله؟ قال نعم قال فانطلق إلى معاوية فقل له خذ مني خمسك فاعطه عشرين دينارا وانظر إلى الثمانين الباقية فتصدق بها عن ذلك الجيش فإن الله تعالى يعلم أسماءهم ومكانهم وإن الله يقبل التوبة عن عباده فقال معاوية أحسن والله لأن أكون أنا أفتيته بهذا أحب إلي من أن يكون لي مثل كل شئ امتلكت، وعن ابن مسعود أنه رأى أن يتصدق بالمال الذي لا يعرف صاحبه، وقال الشافعي لا أعرف للصدقة وجها، وقد جاء في حديث الغال ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا أقبله منك حتى تجئ به يوم القيامة) ولنا قول من ذكرنا من الصحابة ومن بعدهم ولم نعرف لهم مخالفا في عصرهم فيكون اجماعا ولان تركه تضييع له وتعطيل لمنفعته التي خلق لها ولا يتخفف به شئ من اثم الغال وفي الصدقة نفع لمن يصل إليه من المساكين وما يحصل من أجر الصدقة يصل إلى صاحبه فيذهب به الاثم عن الغال فيكون أولى
(٥٣٦)