توقيفا أو لغة وأيهما كان فهو حجه يدل عليه أنه بدأ بالأغلظ فالأغلظ، وعرف القرآن فيما أريد به التخيير البداءة بالأخف ككفارة اليمين وما أريد به الترتيب بدئ فيه بالأغلظ فالأغلظ ككفارة الظهار والقتل ويدل عليه أيضا أن العقوبات تختلف باختلاف الاجرام، ولذلك اختلف حكم الزاني والقاذف والسارق وقد سووا بينهم مع اختلاف جناياتهم، وهذا يرد على مالك فإنه إنما اعتبر الجلد والرأي دون الجنايات وهو مخالف للأصول التي ذكرناها وأما قول أبي حنيفة فلا يصح لأن القتل لو وجب لحق الله تعالى لم يخير الإمام فيه كقطع السارق وكما لو أن فرد بأخذ المال، ولان الحدود لله تعالى إذا كان فيها تقل سقط ما دونه كما لو سرق وزنى وهو محصن وقد روي عن ابن عباس قال: وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بردة (1) الأسلمي فجاء ناس يريدون الاسلام فقطع عليهم أصحابه فنزل جبريل عليه السلام بالحد فيهم أن من قتل وأخذ المال قتل وصلب ومن قتل ولم يأخذ المال قتل، ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف وقيل إنه رواه أبو داود وهذا كالمسند وهو نص. فإذا ثبت هذا فإن قاطع الطريق لا يخلو من أحوال خمس
(٣٠٦)