عن المسلمين نظرت فإن لم يعلم قوته عليهم وخاف قهرهم له ان قاتلهم تركهم، وان قوي عليهم لم يجز اقرارهم على ذلك لأنه لا يجوز أن يترك بعض المسلمين طاعة الإمام ولا تؤمن قوة شوكتهم بحيث يفضي إلى قهر الإمام العادل ومن معه، ثم إن أمكن دفعهم بدون القتل لم يجز قتلهم لأن المقصود دفعهم لأهلهم ولان المقصود إذا حصل بدون القتل لم يجز القتل من غير حاجة، وان حضر معهم من لا يقاتل لم يجز قتله، وقال أصحاب الشافعي فيه وجه آخر يجوز لأن عليا رضي الله عنه نهى أصحابه عن قتل محمد بن طلحة السجاد وقال إياكم وصاحب البرنس فقتله رجل وأنشأ يقول وأشعث قوام بآيات ربه * قليل الأذى فيما ترى العين مسلم هتكت له بالرمح جيب قميصه * فخر صريعا للدين وللفم على غير شئ غير أن ليس تابعا * عليا ومن لم يتبع الحق يظلم يناشدني حم والرمح شاجر * فهلا تلا حم قبل التقدم وكان السجاد حامل راية أبيه ولم يكن يقاتل فلم ينكر علي قتله ولأنه صار ردا لهم ولنا قول الله تعالى (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم) والأخبار الواردة في قتل المسلم والاجماع على تحريمه وإنما خص من ذلك ما حصل ضرورة دفع الباغي والصائل ففيما عداه يبقى على العموم والاجماع فيه ولهذا حرم قتل مدبرهم وأسيرهم والاجهاز على جريحهم مع أنهم إنما تركوا القتال عجزا عنه ومتى ما قدروا عليه عادوا إليه فمن لا يقاتل تورعا عنه مع قدرته عليه ولا يخاف منه القتل بعد ذلك
(٥٥)