(فصل) وان خاف نقض العهد منهم جاز أن ينبذ إليهم عهدهم لقول الله تعالى (واما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء) يعني أعلمهم بنقض عهدهم حتى تصير أنت وهم سواء في العلم ولا يكفي وقوع ذلك في قبوله حتى يكون عن أمارة تدل على ما خافه ولا يجوز أن يبدأهم بقتال ولا غارة قبل اعلامهم بنقض العهد للآية ولأنهم آمنون منه بحكم العهد فلا يجوز قتلهم ولا أخذ مالهم فإن قيل فقد قلتم إن الذمي إذا خيف منه الخيانة لم ينقض عهده، قلنا عقد الذمة آكد لأنه يجب على الإمام اجابتهم إليه وهو نوع معاوضة وعقد مؤبد بخلاف الهدنة والأمان ولهذا لو نقض بعض أهل الذمة لم ينقض عهد الباقين بخلاف الهدنة ولان أهل الذمة في قبضة الإمام وتجب ولايته فلا يخشى الضرر كثيرا من نقضهم بخلاف أهل الهدنة فإنه يخاف منهم الغارة على المسلمين والضرر الكثير بأخذهم للمسلمين.
(فصل) وإذا عقد الهدنة فعليه حمايتهم من المسلمين وأهل الذمة لأنه آمنهم ممن هو في قبضته وتحت يده كما أمن من قي قبضته منهم ومن أتلف من المسلمين أو من أهل الذمة عليهم شيئا فعليه ضمانه ولا تلزمه حمايتهم من أهل الحرب ولا حماية بعضهم من بعض لأن الهدنة التزام الكف عنهم فقط فإن أغار عليهم قوم آخرون فسبوهم لم يلزمه استنقاذهم وليس للمسلمين شراؤهم لأنهم في عهدهم فلا يجوز لهم إذا هم ولا استرقاقهم وذكر الشافعي ما يدل على هذا