الذين آمنوا أوفوا بالعقود) وقال تعالى (فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم) ولأنه لو لم يف بها لم يسكن إلى عقد وقد يحتاج إلى عقدها فإن نقضوا العهد جاز قتالهم لقول الله تعالى (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر انهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون) وقال تعالى (فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم) ولما نقضت قريش عهد النبي صلى الله عليه وسلم خرج إليهم فقاتلهم وفتح مكة، وإن نقض بعضهم دون بعض فسكت باقيهم عن الناقض ولم يوجد منهم انكار ولا مراسلة الإمام ولا تبرؤ فالكل ناقضون لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما هادن قريشا دخلت خزاعة مع النبي صلى الله عليه وسلم وبنو بكر مع قريش فعدت بنو بكر على خزاعة وأعانهم بعض قريش وسكت الباقون فكان ذلك نقض عهدهم وسار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتلهم ولان سكوتهم يدل على رضاهم كما أن عقد الهدنة مع بعضهم يدخل فيه جميعهم لدلالة سكوتهم على رضاهم كذلك في النقض، وان أنكر من لم ينقض على الناقض بقول أو فعل ظاهرا أو اعتزال أو راسل الإمام باني منكر لما فعله الناقض مقيم على العهد لم ينقض في حقه ويأمره الإمام بالتميز ليأخذ الناقض وحده فإن امتنع من التميز أو إسلام الناقض صار ناقضا لأنه منع من اخذ الناقض فصار بمنزلته وان لم يمكنه التميز لم ينتقض عهده لأنه كالأسير فإن أسر الإمام منهم قوما فادعى الأسير أنه لم ينقض وأشكل ذلك عليه قبل قول الأسير لأنه لا يتوصل إلى ذلك إلا من قبله
(٥٢١)