فيكون أقرب إلى الظفر وجبر قلوب المسلمين وكسر قلوب المشركين فإن قيل فقدا بحكم له ان ينغمس في الكفار وهو سبب لقتله قلنا إذا كان مبارزا تعلقت قلوب الجيش به وارتقبوا ظفره فإن ظفر جبر قلوبهم وسرهم وكسر قلوب الكفار، وإن قتل كان بالعكس والمنغمس يطلب الشهادة لا يترقب منه ظفر ولا مقاومة فافترقا وأما مبارزة أبى قتادة فغير لازمة فإنها كانت بعد التحام الحرب، رأى رجلا يريد ان يقتل مسلما فضربه أبو قتادة فالتفت إلى أبي قتادة فضمه ضمنة كاد يقتله وليس هذا هو المبارزة المختلف فيها بل المختلف فيها ان يبرز رجل بين الصفين قبل التحام الحرب يدعو إلى المبارزة فهذا هو الذي يعتبر له اذن الإمام لأن عين الطائفتين تمتد إليهما وقلوب الفريقين تتعلق بهما وأيهما غلب سر أصحابه وكسر قلوب أعدائه بخلاف غيره. إذا ثبت هذا فالمبارزة تنقسم ثلاثة أقسام مستحبة ومباحة ومكروهة، أما المستحبة فإذا خرج علج يطلب البراز استحب لمن يعلم من نفسه القوة والشجاعة مبارزته باذن الأمير لأن فيه ردا عن المسلمين واظهارا لقوتهم، والمباح أن يبتدئ الرجل الشجاع بطلبها فيباح ولا يستحب لأنه لا حاجة إليها ولا يأمن أن يغلب فيكسر قلوب المسلمين الا انه لما كان شجاعا واثقا من نفسه أبيح له لأنه بحكم الظاهر غالب والمكروه ان يبرز الضعيف المنة الذي لا يثق من نفسه فتكره له المبارزة لما فيه من كسر قلوب المسلمين بقتله ظاهرا
(٣٩٥)