ولنا أن المال يباح بالبذل والإباحة فيحتمل أن مالكه اباحه إياه أو وقفه على المسلمين أو على طائفة السارق منهم أو أذن له في دخول حرزه فاعتبرت المطالبة لتزول هذه الشبهة، وعلى هذا يخرج الزنا فإنه لا يباح بالإباحة ولان القطع أوسع في الاسقاط ألا ترى انه إذا سرق مال ابنه لم يقطع؟ ولو زنى بجاريته حد ولان القطع شرع لصيانة مال الآدمي فله به تعلق فلم يستوف من غير حضور مطالب به، والزنا حق لله تعالى محض فلم يفتقر إلى طلب به. إذا ثبت هذا فإن وكيل المالك يقوم مقامه في الطلب، وقال القاضي إذا أقر بسرقة مال غائب حبس حتى يحضر الغائب لأنه يحتمل أن يكون قد أباحه ولو أقر بحق مطلق لغائب لم يحبس لأنه لاحق عليه لغير الغائب ولم يأمر بحبسه فلم يحبس وفي مسئلتنا تعلق به حق الله تعالى وحق الآدمي فحبس لما عليه من حق الله تعالى فإن كانت العين في يده أخذها الحاكم وحفظها للغائب وإن لم يكن في يده شئ فإذا جاء الغائب كان الخصم فبها (فصل) ولو أقر بسرقة من رجل فقال المالك لم تسرق مني ولكن غصبتني أو كان لي قبلك وديعة فجحدتني لم يقطع لأن إقراره لم يوافق دعوى المدعي وبهذا قال أبو ثور وأصحاب الرأي وان أقر أنه سرق نصابا من رجلين فصدقه أحدهما دون الآخر أو قال الآخر بل غصبتنيه أو جحدتنيه لم يقطع وبه قال أصحاب الرأي، وقال أبو ثور إذا قال الآخر غصبتنيه أو جحدتنيه قطع ولنا أنه لم يوافق على سرقة نصاب فلم يقطع كالتي قبلها، وإن وافقاه جميعا قطع وان حضر أحدهما فطالب ولم يحضر الآخر لم يقطع لأن ما حصلت المطالبة به لا يوجب القطع بمفرده وان أقر أنه سرق من رجل شيئا فقال الرجل قد فقدته من مالي فينبغي أن يقطع لما روي عن عبد الرحمن بن ثعلبة الأنصاري عن أبيه أن عمرو بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
(٣٠٠)