فجادت العين له * إذ كان من بعض الخدم * وعند ما يخرج من * مقامه ذاك خدم اعلم أيدك الله أيها الولي الحميم والصفي الكريم نور الله بصيرتك أن رسول الله ص لما كان خلقه القرآن وتخلق بالأسماء وكان الله سبحانه ذكر في كتابه العزيز أنه تعالى استوى على العرش على طريق التمدح والثناء على نفسه إذ كان العرش أعظم الأجسام فجعل لنبيه ص من هذا الاستواء نسبة على طريق التمدح والثناء عليه به حيث كان أعلى مقام ينتهي إليه من أسرى به من الرسل وذلك يدل أنه أسرى به ص بجسمه ولو كان الإسراء به رؤيا لما كان الإسراء ولا الوصول إلى هذا المقام تمدحا ولا وقع من الإعراب في حقه إنكار على ذلك لأن الرؤيا يصل الإنسان فيها إلى مرتبة رؤية الله تعالى وهي أشرف الحالات وفي الرؤيا ما لها ذلك الموقع من النفوس إذ كل إنسان بل الحيوان له قوة الرؤيا فقال ص عن نفسه على طريق التمدح لكونه جاء بحرف الغاية وهو حتى فذكر أنه أسرى به حتى ظهر لمستوي يسمع فيه صريف الأقلام وهو قوله تعالى لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير فالضمير في أنه هو يعود على محمد ص فإنه أسرى به فرأى الآيات وسمع صريف الأقلام فكان يرى الآيات ويسمع منها ما حظه السماع وهو الصوت فإنه عبر عنه بالصريف والصريف الصوت قال النابغة له صريف صريف القعو بالمسد فدل أنه بقي له من الملكوت قوة ما لم يصل إليه بجسمه من حيث هو راء ولكن من حيث هو سميع فوصل إلى سماع أصوات الأقلام وهي تجري بما يحدث الله في العالم من الأحكام وهذه الأقلام رتبتها دون رتبة القلم الأعلى ودون اللوح المحفوظ فإن الذي كتبه القلم الأعلى لا يتبدل وسمي اللوح بالمحفوظ من المحو فلا يمحي ما كتب فيه وهذه الأقلام تكتب في ألواح المحو والإثبات وهو قوله تعالى يمحو الله ما يشاء ويثبت ومن هذه الألواح تتنزل الشرائع والصحف والكتب على الرسال صلوات الله عليهم وسلامه ولهذا يدخل في الشرائع النسخ ويدخل في الشرع الواحد النسخ في الحكم وهو عبارة عن انتهاء مدة الحكم لا على البدا فإن ذلك يستحيل على الله وإلى هنا كان يتردد ص في شأن الصلوات الخمسين بين موسى وبين ربه إلى هذا الحد كان منتهاه فيمحو الله عن أمة محمد ص ما شاء من تلك الصلوات التي كتبها في هذه الألواح إلى أن أثبت منها هذه الخمسة وأثبت لمصليها أجر الخمسين وأوحى إليه أنه لا يبدل القول لديه فما رجع بعد ذلك من موسى في شأن هذا الأمر ومن هذه الكتابة ثم قضى أجلا وأجل مسمى ومن هذه الألواح وصف نفسه سبحانه بأنه تعالى يتردد في نفسه في قبضه نسمة المؤمن بالموت وهو قد قضى عليه ومن هذه الحقيقة الإلهية التي كني عنها بالتردد الإلهي يكون سريانها في التردد الكوني في الأمور والحيرة فيها وهو إذا وجد الإنسان أن نفسه تتردد في فعل أمر ما هل يفعله أو لا يفعله وما تزال على تلك الحال حتى يكون أحد الأمور التي ترددت فيها فيكون ويقع ذلك الأمر الواحد ويزول التردد فذلك الأمر الواقع هو الذي ثبتت في اللوح من تلك الأمور المتردد فيها وذلك أن القلم الكاتب في لوح المحو يكتب أمرا ما وهو زمان الخاطر الذي يخطر للعبد فيه فعل ذلك الأمر ثم تمحى تلك الكتابة يمحوها الله فيزول ذلك الخاطر من ذلك الشخص لأنه ما ثم رقيقة من هذا اللوح تمتد إلى نفس هذا الشخص في عالم الغيب فإن الرقائق إلى النفوس من هذه الألواح تحدث بحدوث الكتابة وتنقطع بمحوها فإذا أبصر القلم موضعها من اللوح ممحوا كتب غيرها مما يتعلق بذلك الأمر من الفعل أو الترك فيمتد من تلك الكتابة رقيقة إلى نفس ذلك الشخص الذي كتب هذا من أجله فيخطر لهذا الشخص ذلك الخاطر الذي هو نقيض الأول فإن أراد الحق إثباته لم يمحه فإذا ثبت بقيت رقيقة متعلقة بقلب هذا الشخص وثبتت فيفعل ذلك الشخص ذلك الأمر أو يتركه بحسب ما ثبت في اللوح فإذا فعله أو ثبت على تركه وانقضى فعله محاه الحق من كونه محكوما بفعله وأثبته صورة عمل حسن أو قبيح على قدر ما يكون ثم إن القلم يكتب أمرا آخر هكذا الأمر دائما وهذه الأقلام هذه مرتبتها والموكل بالمحو ملك كريم على الله تعالى هو الذي يمحو على حسب ما يأمره به الحق تعالى والإملاء على ذلك الملك والأقلام من الصفة الإلهية التي كنى عنها في الوحي المنزل على رسوله بالتردد ولولا هذه الحقيقة الإلهية ما اختلف أمران في العالم ولا حار
(٦١)