من سيده ويلبس من سيده ويقوم بواجبات مقامه فلا يزال في دار سيده ليلا ونهارا لا يبرح إلا إذا وجهه في شغله فهو في الدنيا مع الله وفي القيامة مع الله وفي الجنة مع الله فإنها جميعها ملك سيده فيتصرف فيها تصرف الملاك والأجير ماله سوى ما عين له من الأجرة منها نفقته وكسوته وماله دخول على حرم سيده ومؤجره ولا الاطلاع على أسراره ولا تصرف في ملكه إلا بقدر ما استؤجر عليه فإذا انقضت مدة إجارته وأخذ أجرته فارق مؤجره واشتغل بأهله وليس له من هذا الوجه حقيقة ولا نسبة تطلب من استأجره إلا أن يمن عليه رب المال بأن يبعث خلفه ويجالسه ويخلع عليه فذلك من باب المنة وقد ارتفعت عنه في الدار الآخرة عبودية الاختيار فإن تفطنت فقد نبهتك على مقام جليل تعرف منه من أي مقام قالت الأنبياء مع كونهم عبيدا مخلصين له لم يملكهم هوى أنفسهم ولا أحد من خلق الله ومع هذا قالوا إن أجري إلا على الله فيعلم إن ذلك راجع إلى دخولهم تحت حكم الأسماء الإلهية فمن هناك وقعت الإجارة فهم في الاضطرار والحقيقة عبيد الذات وهم لها ملك وصارت الأسماء الإلهية تطلبهم لظهور آثارها فيهم فلهم الاختيار في الدخول تحت أي اسم إلهي شاءوا وقد علمت الأسماء الإلهية ذلك فعينت لهم الأسماء الإلهية الأجور يطلب كل اسم إلهي من هذا العبد الذاتي أن يؤثره على غيره من الأسماء الإلهية بخدمته فيقول له ادخل تحت أمري وأنا أعطيك كذا وكذا فلا يزال في خدمة ذلك الاسم حتى يناديه السيد من حيث عبودية الذات فيترك كل اسم إلهي ويقوم لدعوة سيده فإذا فعل ما أمره به حينئذ رجع إلى أي اسم شاء ولهذا يتنفل الإنسان ويتعبد بما شاء حتى يسمع إقامة الصلاة المفروضة فتحرم عليه كل نافلة ويبادر إلى أداء فرض سيده ومالكه فإذا فرع دخل في أي نافلة شاء فهو في التشبيه في هذه المسألة كعبد لسيده أولاد كثيرة فهو مع سيده بحكم عبودية الاضطرار إذا أمره سيده لم يشتغل بغير أمره وإذا فرع من أداء ذلك طلب أولاد سيده منه أن يسخروه فلا بد أن يعينوا له ما يرغبه في خدمتهم وكل ولد يحب أن يأخذه لخدمته في وقت فراغه من شغل سيده فيتنافسون في أجره ليستخلصوه إليهم فهو مخير مع أي ولد يخدم في ذلك الوقت فالإنسان هو العبد والسيد هو الله والأولاد سائر الأسماء الإلهية فإذا رأى هذا العبد ملهوفا فأغاثه فيعلم أنه تحت تسخير الاسم المغيث فيكون له من المغيث ما عين له في ذلك من الأجر وإذا رأى ضعيفا في نفسه فتلطف به كان تحت تسخير الاسم اللطيف وكذلك ما بقي من الأسماء فتحقق يا ولي كيف تخدم ربك وسيدك وكن على علم صحيح في نفسك وفي سيدك تكن من العلماء الراسخين في العلم الحكماء الإلهيين وتفز بالدرجة القصوى والمكانة العلياء مع الرسل والأنبياء ويحوي أيضا هذا المنزل على علم التخلق بالأسماء الإلهية كلها وأعني بالكل ما وصل إلينا العلم بها وعلم التمييز وأين يناله العبد وتقدير الزمان الذي بينه وبين الوصول إليه وعلم التفاضل الإلهي بين الله وبين عباده في مثل قوله أحسن الخالقين وأرحم الراحمين ما الوجه الذي جمعهم حتى كان الحق في ذلك الوجه أكمل ولا مفاضلة بين الله وخلقه إذ كان السيد هو الذي لا يكاثر ولا يفاضل والكل عبيد له ولا مفاضلة بين السيد وعبده من حيث هو عبد بل السيد له الفضل أجمعه وعلم مراتب أهل التصديق أهل التكذيب من مراتب أهل الكفر والشرك وغيرهم وعلم التمني أي اسم إلهي يطلبه وعلم الصفات التي يكرهها السيد من العبد وما السبب الموجب للعبد حتى يدخل فيما يكرهه سيده هل من حقيقة هو عليها تطلب ذلك أو هو راجع إلى القضاء والقدر خاصة وعلم القلوب وعلم العلامات وعلم الإصرار وبما يتعلق وقد بيناه في كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن في قوله تعالى في آل عمران ولم يصروا على ما فعلوا فانظره هناك وعلم الجزاء الدنياوي والأخراوي وقد بيناه في التفسير لنا في فاتحة الكتاب في قوله تعالى ملك يوم الدين وعلم التقوى وعلم الفرقان وعلم القرآن وعلم الشدائد والأهوال ولما ذا ترجع وكون أيام الدجال من سنة وشهر وجمعة وسائر أيامه كالأيام المعهودة هل ذلك راجع إلى شدة الفجاة فإن الهم بولد كبير أو بصغر كلما دام واستصحبه الإنسان هان عليه ما يجد حتى إن المعاقب بالضرب ما يحس به إلا في أول ما يقع به مقدارا قليلا ثم لما يتخدر موضع الضرب فلا يحس به وعلم الانفراد بالحق لأهل الشقاء ما فائدته ولما ذا يرجع وعلم المكر والخداع والكيد والاستدراج والفرق بين هذه المراتب وأصحابها وعلم الصبر وعلم عقوبة من لم يصبر ومتى يكون صابرا وعلم العناية وعلم الاجتباء وعلم منازل الصالحين وهو علم غريب شريف ما رأيت من العارفين من
(٦٤)