عن كثير من المبصرات لغيرنا فلم يحصل المرئي ضرورة مع وجود الرؤية وارتفاع الموانع التي تقدح في هذه النشأة الطبيعية فيرى الإنسان الواحد ما لا يراه الآخر مع حضور المرئي لهما واجتماعهما في سلامة حاسة البصر فهذا حجاب إلهي ليس للطبيعية ولا للكون فيه أثر وهذا كثير فكم من مشرك في الظاهر موحد في الباطن وبالعكس وفيه علم الآجال ما يعلم منها وما لا يعلم وفيه علم كينونية الله في أينيات مختلفات بذاته ومثل ذلك مثل البياض في كل أبيض إن فهمت فإن الله تعالى ما ذكر عن نفسه حكما فيه لا يكون له مثل في الموجودات لأنه لو ذكر مثل هذا لم تحصل فائدة التعريف غير أنه يدق على بعض الأفهام فمن ظهر له الموجود الذي له عين ذلك الحكم علمنا أنه المخاطب من الله بذلك الحكم لا غيره كما قال تعالى لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون فبعض الناس قد علم ما أراد بالكبر هنا وبعضهم لا يعرف ذلك فالذي عرف ذلك هو المخاطب بهذه الآية وهكذا في كل خطاب حتى في ليس كمثله شئ خاطب به من يعلم نفي المثلية في الأشياء وفيه علم عموم تعلق العلم الإلهي بالمعلومات ومن علم منا حصر المعلومات في واجب ومحال وممكن في نفس الأمر قد عم من وجه كلي وبقي الفصل بين العلماء في نفس الأمر المحكوم عليها بأحد هذه الأحكام وفيه علم ما يأتي من الممكنات وهي كلها آيات فيعرض عن النظر في كونها آية من يعرض ما السبب في إعراض واحد وعدم إعراض آخر في ذلك وفيه علم من يشكك نفسه فيما قد تبين له ما السبب الذي يدعوه إلى ذلك التشكيك وفيه علم من أي حقيقة إلهية خلق الله الالتباس في العالم هل كان ذلك لكونه يتجلى لعباده في صور مختلفة تعرف وتنكر مع أنه تعالى في نفسه على حقيقة لا تتبدل ولا يكون التجلي إلا هكذا فما في العالم إلا التباس وذلك لكون الشارع قد أخبر أن المؤمن يظهر بصورة الكافر وهو سعيد والكافر يظهر بصورة المؤمن وهو شقي فلا يقطع على أحد بسعادة ولا بشقاء لالتباس الأمر علينا فهذا عندنا ليس بالتباس وإنما الالتباس أن نقطع بالشقاء على السعيد وبالسعادة على الشقي حينئذ يكون الأمر قد التبس علينا وأما إذا لم نقطع فما التبس علينا شئ وفيه علم إن الحكم للرحمة يوم القيامة وأن العدل من الرحمة ويوم القيامة يوم العدل في القضاء وإنما تأتي الرحمة في القيامة ليشهد الأمر حتى إذا انتهى حكم العدل وانقضت مدته في المحكوم عليه تولت الرحمة الحكم فيه إلى غير نهاية وفيه علم ما هو لله وما هو للخلق وأعني بما هو لله أنه مخلص وفيه علم الوصف الخالص بالله الذي لا يشركه فيه من ليس بآلة وفيه علم لم تعددت الأسماء الإلهية باختلاف معانيها فهل هي أسماء لما تحتها من المعاني أو هي أسماء لمن نسبت إليه تلك المعاني وهل تلك المعاني أمور وجودية أو نسب لا وجود لها وفيه علم الإنصاف والعدل في القضايا والحكومات وفيه علم ما يغني من الاستحقاق بعد انقضاء مدة حكمه وما معنى الفلاح فيه نفيه عن المستحق بالعقوبة وفيه علم جحد المشرك الشريك هل له في ذلك وجه إلى الصدق أو هو كاذب من كل وجه وذلك أن القائل في الحقيقة ليس غير الله فلا بد أن يكون له وجه إلى الصدق من هناك ينسب أنه قول الله وإن ظهر على لسان المخلوق فإن الله قاله على لسان عبده وقد ورد عن الرسول ص في الصحيح أن الله يقول على لسان عبده ونطق القرآن بذلك فعين كلام الترجمان هو كلام المترجم عنه وفيه علم ما تعطيه الأحوال فيمن قامت به من الأحكام وفيه علم ما ينتجه القطع بوقوع أحد الممكنين من غير دليل وفيه علم ما يسخطه العارف الذي له الكشف من فعل الحق مما لا يسخطه والسخط من عمل الباطن حتى لو لم يقم به سخط في باطنه وأظهر السخط كان حاله إلى النفاق أقرب من حاله إلى الايمان وفيه علم الحث على النفاق هل يناقض التسليم وإذا اجتمع صاحب تسليم وصاحب مداراة أي الرجلين اعلم وفيه علم السبب المانع للسامع إذا نودي ولم يجب هل يقال إنه سمع أو يقال فيه إنه لم يسمع وفيه علم الظلمة وهو العمي والضلال وهو الحيرة وفيه علم عموم الحشر لكل ما ضمنته الدار الدنيا من معدن ونبات وحيوان وإنس وجان وسماء وأرض وفيه علم السبب الذي يدعو إلى توحيد الحق سبحانه ولا يتمكن معه إشراك وهل له حكم البقاء فيبقى حكم التوحيد أو لا بقاء له أو يبقى في حق قوم دون قوم وفيه علم عموم الايمان ولهذا يكون المال إلى الرحمة التي لا يرحم الله إلا المؤمنين فإنه من الرحمة حكم عموم الايمان وفيه علم البوادة والهجوم وله باب في الأحوال
(٤٩٢)