شاهده فيها كما شاهده في نفسه وهم لا يشعرون فرأى أن الحق جمعهم في صورة ثلاثة فصح قول القائل إنه ثالث ثلاثة في الوجهين في الخلق والحق وصح وما من إله إلا إله واحد لأنه عين كل واحد من الثلاثة ليس غيره فهو واحد وهو ثلاثة فهذا من الورث الإلهي النبوي فإنه ما حصل لنا هذا الشهود إلا بالاقتداء والاتباع النبوي فلما علمنا ورثناه ص ولا يصح ميراث لأحد إلا بعد انتقال الموروث إلى البرزخ وما حصل لك من غير انتقال فليس بورث وإنما ذلك وهب وأعطية ومنحة أنت فيها نائب وخليفة لا وارث فأنت من حيث العلم وارث وأنت من حيث الشهود عينه لا وارث ألا ترى في قوله ص إن ربكم واحد كما إن أباكم واحد وليس أبوك إلا من أنت عنه فإن عرفت عمن أنت عرفت أباك وما ذكر النبي ص أن أبوينا اثنان كما وقع في الظاهر فإنا عن آدم وحواء مثل قوله ورفع أبويه على العرش ولكن لما كانت حواء عين آدم لأنها عين ضلعه فما كان إلا أب واحد في صورتين مختلفتين كما هو التجلي فعين حواء عين آدم انفصال اليمين عن الشمال وهو عين زيد كذلك انفصال حواء عن آدم فهي عين آدم فما ثم إلا أب واحد فما صدرنا إلا عن واحد كما أن العالم كله ما صدر إلا عن إله واحد فالعين واحدة كثيرة نسب إن لم يكن الأمر كذلك وإلا فما كان يظهر لنا وجود ولا لنا وجود عين ولا لنا إيجاد حكم فكما أوجدنا عينا أوجدنا الحكم له جزاء وفاقا إن تفطنت فهو لنا موجد عين ونحن له موجد رب فلولا الحق ما كان الوجود * ولولا الكون ما كان إلا له جزاء قد أراد الحق منه * سؤال السائلين بمن وما هو فما هو في العموم بغير شك * وأما في الخصوص فهو وما هو ثم ما زال التوالد والتناسل في كل نوع نوع من المولدات كلها في الدنيا ما دامت الدنيا وفي الآخرة إلى ما لا يتناهى وإن تنوعت أحوال التوالد كما ظهر ذلك في الدنيا في حواء وعيسى وبني آدم وأما في آدم فباليدين وبالأركان وفي النبات متنوع أيضا في غراسه وبزوره وكذلك في المعادن فانظر ما أحكم حكمة الله في خلقه ولما أطلعنا على الوجه الخاص الذي لكل موجود لم يتمكن لنا أن نضيف التوالد لنا جملة واحدة بل أضفنا كل ما ظهر في الكون إليه وهو قوله تعالى وما أمرنا ونحن أمره إلا واحدة فما ثم موجد إلا الله تعالى على كل وجه علم ذلك من علمه وجهله من جهله كما يقول الطبيعيون في الموجودات الطبيعية بأحدية الطبيعة فكل ما ظهر من الموجودات الطبيعية قالوا هذا عن الطبيعة فوحدوا الأمر كما وحدنا الإله في خلقه فلم يكن إلا الله وهو الذي سموه أولئك طبيعة ولا علم لهم كما سمته الدهرية بالدهر ولا علم لهم إلا أن الله تسمى لنا بالدهر وما تسمى بالطبيعة لأن الطبيعة ليست بغير لمن وجد عنها عينا فهي عين كل موجود طبيعي ولما كان الحق له هذا الحكم وظهر به عند الخواص من عباده وعلمنا إن الاسم دلالة على المسمى فرأينا الاسم وإن دل فهو أجنبي فعلمنا أن حكم الطبيعة يخالف حكم الدهر فإن الدهر ما هو عين الكوائن ورأينا الطبيعة عين الكوائن الطبيعية ورأينا أن الحق له تنزيه ينفصل به عنا انفصال الدهر عما يكون فيه فتسمى تعالى بالدهر تنزيها وما تسمى بالطبيعة لكون الأمر ما هو غيره بل هو عينه والمسمى لا يسمى نفسه لنفسه فلا يسمى بالطبيعة وإنما يسمى نفسه لغيره حتى إذا ذكره عرف أنه يذكره وإذا ذكر عرفه فهذا أصل وضع الأسماء فما ثم إلا الله لا شئ غيره * وما ثم إلا اثنان والله ثالث قد أنتجه العلم الذي قاله لنا * فإني لعلمي بالحقيقة حارث أعني قوله ص من عرف نفسه عرف ربه فقدم معرفة الإنسان نفسه لأنه عين الدليل ولا بد أن يكون العلم بالدليل مقدما على العلم بالمدلول والدليل نحن ونحن في مقام الشفعية فلذلك عبرنا بالاثنين لوجود الشفع فنتج لنا النظر فينا وجود الحق وأحديته فهو ثالث اثنين كما هو رابع ثلاثة فلذلك قلنا والله ثالث لهذين الاثنين وأنا حارث أي كاسب لهذا العلم بالنظر ثم إن للحق ورثا منا كما قال إنا نحن نرث الأرض ومن عليها عينا وحكما فأما في العين فقوله وإلينا ترجعون فإن الأمور ترجع إلى أصولها كما ينعطف آخر الدائرة على أولها فمن أول ما تبتدئ بالدائرة
(٥٠٣)