رجل من رجال الله يدعى عبد الرحمن اعلم أن الرحمة الإلهية التي أوجد الله في عباده ليتراحموا بها مخلوقة من الرحمة الذاتية التي أوجد الله بها العالم حين أحب أن يعرف وبها كتب على نفسه الرحمة وهذه الرحمة المكتوبة منفعلة عن الرحمة الذاتية والرحمة الامتنانية هي التي وسعت كل شئ فرحمة الشئ لنفسه تمدها الرحمة الذاتية وتنظر إليها وفيها يقع الشهود من كل رحيم بنفسه فإن الله قد وصف نفسه بالحب وشدة الشوق إلى لقاء أحبابه فما لقيهم إلا بحكم هذه الرحمة التي يشهدها صاحب هذه الرحمة هي الرحمة التي كتبها على نفسه لا مشهد لها في الرحمة الذاتية ولا الامتنانية وأما رحمة الراحم بمن أساء إليه وما يقتضيه شمول الإنعام الإلهي والاتساع الجودي فلا مشهد لها إلا رحمة الامتنان وهي الرحمة التي يترجاها إبليس فمن دونه لا مشهد لهؤلاء في الرحمة المكتوبة ولا في الرحمة الذاتية وبهذا كان الله والرحمن دون غير الرحمن من الأسماء له الأسماء الحسنى فجميع الأسماء دلائل على الاسم الرحمن وعلى الاسم الله ولكن أكثر الناس لا يشعرون وما رأيت أحدا من أهل الله نبه على تثليث الرحمة بهذا التقسيم فإنه تقسيم غريب كما هو في نفس الأمر فما علمناه إلا من الكشف وما أدري لما ذا ترك التعبير عنه أصحابنا مع ظني بأن الله قد كشف لهم عن هذا وأما النبوات فقد علمت أنهم وقفوا على ذلك وقوف عين ومن نور مشكاتهم عرفناه لأن الله رزقنا الاتباع الإلهي والاتباع النبوي فأما الاتباع الإلهي فهو قوله تعالى وهو معكم أينما كنتم فالله في هذه المعية يتبع العبد حيث كان فنحن أيضا تتبعه تعالى حيث ظهر بالحكم فنحن وقوف حتى يظهر بأمر يعطي ذلك الأمر حكما خاصا في الوجود فنتبعه فيه ولا نظهر في العامة بخلافه كسكوتنا عن التعريف به أنه هو إذا تجلى في صورة ينكر فيها مع معرفتنا به فهو المقدم بالتجلي وحكم الإنكار فنحن نتبعه بالسكوت وإن لم ننكر ولا نقر فهذا هو الاتباع الإلهي وأما الاتباع النبوي الذي رزقنا الله فهو قوله لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ثم إنه أتبعنا وتأسي بنا في صلاته إذا صلى بالجماعة فيكون فيها الضعيف والمريض وذو الحاجة فيصلي بصلاتهم فهو ص المتبع والمتبع اسم مفعول واسم فاعل ثم أمرنا أن نصلي إذا كنا أئمة بصلاة إلا ضعف فاتبعنا الرحمن بما ذكرناه فنحن التابعون واتبعنا الرحمن بما تعطيه حقائقنا من الاحتياج والفاقة فيمشي بما نحن عليه فنحن المتبوعون فانظر ماذا تعطي حقائق السيادة في العبيد وحقائق العبادة والعبودية في السيادة فهذا الرجل هذه صفته في العالم وبهذه الركعة الرابعة ظهرت أحكام الأسماء الأربعة الإلهية وأحكام الطبيعة في النشأة الطبيعية وأحكام العناصر في المولدات الثلاثة التي لها هذه الرحمات الثلاثة وأحكام الأخلاط في النشأة الحيوانية فلهذا الرجل المهيمنية على هذه كلها نش ء صورة الركعة الخامسة من الوتر انتشأ رجل منها رجل من رجال الله يقال له عبد المعطي فتارة يكون عطاؤه وهبا فيكون المعطي عبد الوهاب وتارة يكون عطاؤه إنعاما فيكون عبد المنعم وتارة يكون عطاؤه كرما فيكون المعطي عبد الكريم وتارة يكون عطاؤه جودا فيكون المعطي عبد الجواد وتارة يكون عطاؤه سخاء فيكون المعطي عبد المقيت وعبد السخي وتارة يكون عطاؤه إيثارا فيكون المعطي عبد الغني وهذا العطاء أغمض الإعطاءات وإصبعها تصورا بل يمنعها الجميع إلا نحن وما رأينا أحدا أثبت هذا العطاء في الإلهيات وما يثبته إلا من علم معنى اسمه الغني تعالى وذلك أنه قد ثبت في الصحيح أن العبد يصل إلى مقام يكون الحق من حيث هويته جميع قواه في قوله كنت سمعه وبصره ويده وغير ذلك من أعضائه وقواه الحديث وهو سبحانه الغني لذاته الغناء الذي لا يمكن إزالته عنه فإذا قام العبد في هذا المقام فقد أعطاه صفة الغناء عنه وعن كل شئ لأن هويته هي أعيان قوى هذا العبد وليس ذلك في تقاسيم العطاء إلا للإيثار فقد آثر عبده بما هو لهويته قال تعالى ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة بل بهم خصاصة ولما كان عطاء الإيثار فضلا يرجع على المعطي كان الحق أولى بصفة الفضل فعطاء الإيثار أحق في حق الحق وأتم في حق العبد وهذا من علوم الأسرار التي لا يمكن بسط التعريف فيها إلا بالإيماء لأهلها أشجعهم للعمل عليها فإنهم في غاية من الخوف لقبولها فكيف للاتصاف بها وباقي الأسماء هينه الخطب نش ء صورة الركعة السادسة من الوتر انتشأ منها رجل من رجال الله يقال له عبد المؤمن اعلم أن الايمان إذا كان نعتا إلهيا فهو ما يظهر من الدلالات كلها على وجه صحة ما يدعيه المدعي أي مدع
(٤٩٦)