ويثبتها شرعا في مقتضى نظره والفيلسوف ينفيها عقلا إذ لا قدم له في الشرع والايمان وأهل الله يثبتونها كشفا وذوقا ولو كان قبل الكشف ما كان فإن الكشف يرده لما أعطاه ما يبقيه على ما كان عليه إلا إن كان ممن يقول بما جاء به أهل الكشف فإنه لا يتغير عليه الحال إلا بقدر ما بين العلم ورؤية المعلوم واعلم أن الله من حيث نفسه له أحدية الأحد ومن حيث أسماؤه له أحدية الكثرة إنما الله إله واحد * ودليلي قل هو الله أحد فإذا ما تهت في أسمائه * فاعلم أن التيه من أجل العدد يرجع الكل إليه كلما * قرأ القارئ ألله الصمد لم يلد حقا ولم يولد ولم * يكن كفوا للإله من أحد فيحار العقل فيه عندما * يغلب الوهم عليه بالمدد ثم يأتيه مشدا أزل * جاء في الشرع ويتلوه أبد وبنا كان له الحكم به * فإذا زلنا فكون ينفرد وهذا هو السبب الموجب لطلب تجليه تعالى في الصور المختلفة وتحوله فيها لاختلاف المعتقدات في العالم إلى هذه الكثرة فكان أصل اختلاف المعتقدات في العالم هذه الكثرة في العين الواحدة ولهذا وقع الإنكار من أهل الموقف عند ظهوره وقوله أنا ربكم فلو تجلى لهم في الصورة التي أخذ عليهم الميثاق فيها ما أنكره أحد فبعد وقوع الإنكار تحول لهم في الصورة التي أخذ عليهم فيها الميثاق فأقروا به لأنهم عرفوه ولهم إدلال إقرارهم وأما تجليه تعالى في الكثيب للرؤية فهنالك يتجلى في صور الاعتقادات لاختلافهم في ذلك في مراتبهم ولم يختلف في أخذ الميثاق فذلك هو التجلي العالم للكثرة وتجلى الكثيب هو التجلي العام في الكثرة والتجلي الذي يكون من الله لعبده وهو في ملكه هو التجلي الخاص الواحد للواحد فرؤيتنا إياه في يوم المواقف في القيامة يخالف رؤيتنا إياه في أخذ الميثاق ويخالف رؤيتنا إياه في الكثيب ويخالف رؤيتنا إياه ونحن في ملكنا وفي قصورنا وأهلينا فمنه كان الخلاف الذي حكم علينا به في القرآن العزيز في قوله تعالى ولا يزالون مختلفين وقوله إلا من رحم ربك فهم الذين عرفوه في الاختلاف فلم ينكروه فهم الذين أطلعهم الله على أحدية الكثرة وهؤلاء هم أهل الله وخاصته فقد خالف المرحومون بهذا الأمر الذي اختصهم الله به من سواهم من الطوائف فدخلوا بهذا النعت في حكم قوله ولا يزالون مختلفين لأنهم خالفوا أولئك وخالفهم أولئك فما أعطانا الاستثناء إلا ما ذكرناه فكان سبحانه أول مسألة خلاف ظهر في العالم لأن كل موجود في العالم أول ما ينظر في سبب وجوده لأنه يعلم في نفسه أنه لم يكن ثم كان بحدوثه لنفسه واختلفت فطرهم في ذلك فاختلفوا في السبب الموجب لظهورهم ما هو فلذلك كان الحق أول مسألة خلاف في العالم ولما كان أصل الخلاف في العالم في المعتقدات وكان السبب أيضا وجود كل شئ من العالم على مزاج لا يكون للشئ الآخر لهذا كان مال الجميع إلى الرحمة لأنه خلقهم وأظهرهم في العماء وهو نفس الرحمن فهم كالحروف في نفس المتكلم في المخارج وهي مختلفة كذلك اختلف العالم في المزاج والاعتقاد مع أحديته أنه عالم محدث ألا تراه قد تسمى بالمدبر المفصل فقال عز وجل يدبر الأمر يفصل الآيات وكل ما ذكرناه آنفا هو تفصيل الآيات فيه وفينا ودلالة عليه وعلينا وكذلك نحن أدلة عليه وعلينا فإن أعظم الدلالات وأوضحها دلالة الشئ على نفسه والتدبر من الله عين التفكر في المفكرين منافيا لتدبر تميز العالم بعضه من بعض ومن الله وبالتفكر عرف العالم ذلك ودليله الذي فكر فيه هو عين ما شاهده من نفسه ومن غيره سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أن ذلك المرئي هو الحق إن التدبر مثل الفكر في الحدث * وفي المهيمن تدبير بلا نظر فأخلص الفكر إن الفكر مهلكة * به يفرق بين الله والبشر فتحقق ما أوردناه في هذا الباب وما أبان الحق في هذا المنزل من علم الرؤية تنتفع بذلك في الدنيا إن كنت من
(٤٦٥)