ليقابل بها حرارة الوحي فإنه محرق ولولا القوة التي تحصل للقلب من هذا البرد هلك واعلم أن هذا المنزل يتضمن من العلوم علم اليقين وعلم الحجاب وعلم الوعيد وعلم الكبرياء الكوني المنوط بالحق وعلم التقديس وعلم السبب الذي لأجله اتخذت المخلوقات أربابا من دون الله ولما ذا قال أربابا من دون الله وهم اتخذوها أربابا مع الله وعلم ما يحل من الربا وعلم إيثار الحق وهل يصح هذا مع اعتقادك أن لا فاعل إلا الله فعلى من يؤثره وعلم أحدية النفخة واختلاف الأثر ولما كان الاشتعال في النار بالنفخ وينطفي به السراج والهواء أقرب للاشتعال للطافته من الحشيش والفحم وعلم أحوال الآخرة من جانب ما تحوي عليه من الشدائد خاصة وعلم المعارضة التي قصدها الحلاج حتى دعا عليه عمرو بن عثمان فلما جرى عليه ما جرى كانت المشيخة تقول إنما أصيب الحلاج بدعوة الشيخ وعلم السحر الحقيقي وغير الحقيقي وهل هو في الحالتين خيال أم لا وعلم لماذا يرجع كون الباري له كلام هل لخلقه أو لصفة قائمة به زائدة على ذاته أو نسبة خاصة أو لعلمه ومحل الإعجاز من القرآن ما هو فإن هذا علم عظيم منيع الحمى وعلم الاصطلام الذي تنتجه معارضة الكلام وعلم ما تحوي عليه البسملة من الأسرار ولما ذا انحصرت في هذه الثلاثة الأسماء وهذه الحروف المخصوصة دون باقي الحروف وأين محلها من الآخرة وهل تخلق من حروفها ملائكة أي يأتي يوم القيامة كل حرف منها صورة قائمة مثل ما تأتي سورة البقرة وسورة آل عمران وهما الزهراوان يشهدان لقارئهما وإذا وجدت صور هذه الحروف يوم القيامة فمن حيث رقمها أو من حيث التلفظ بها أو منهما والحروف المشددة منها هل تخلق صورتين أو صورة واحدة وإذا خلقت هذه الحروف صورا فمن أي شئ تقي قارئها ومن في مقابلتها ووقايتها هل هي عين الشهادة فإن كانت للشهادة فما تشهد إلا لمن رقمها أو من تلفظ بها أنه رقمها أو تلفظ بها وقد رقمها الكافر وتلفظ بها المنافق وإن كانت تشهد بالإيمان بها الذي محله القلب فما هي بسملة الرقم ولا بسملة اللفظ وليس في النفس إلا العلم بها والايمان والإرادة لها وكذلك يكون الأمر على هذا التقسيم في الزهراوين من رقمها أو قراءتها أو من كونها سورة فقط أو من كونها ذات آيات وحروف وهل الآيات في الصورة كالأعضاء لصورة الحيوان أو هي لها كالصفات النفسية للموصوف لا كالأعضاء هذا كله من علم هذا المنزل وعلم الضلال والهدى وهل يرجعان إلى نسب أو إلى أعيان موجودة وإن كانت موجودة أعيانا فهل هي مخلوقة أو غير ذلك وإن كانت مخلوقة فهل هما من خلق العباد أو من خلق الله أو بعضها من خلق العبد وبعضها من خلق الله وعلم تسليط المخلوقات بعضهم على بعض من المعاني وغير المعاني فإن الله تعالى لما سمي نفسه ملكا سمي خلقه جنودا وإذا كانوا جنودا وما ثم إلا الله وخلقه فلمن يحاربون أو هم أجناد زينة لا أجناد محاربة فإن حارب بعضهم بعضا وهو الواقع فمن أجناد الله من هؤلاء الأجناد فالذين هم أجناد الله فإن الله مليكهم فمن ملك الأجناد الآخرين وهنا من الأسرار الإلهية مهالك ويرجع علم ذلك لما في أحكام الأسماء الإلهية من المنازعة والتضاد ومنها الموافق والمخالف وكذلك الأرواح الملكية وقد روى أن رجلا من المسرفين على نفسه أراد التوبة وكان من قرية كلها شر وكانت ثم قرية أخرى كلها خير فأراد الهجرة إليها فبينا هو في الطريق جاء أجله فمات فتنازعت ملائكة الرحمة الذين هم أجناد الاسم الرحيم وملائكة العذاب الذين هم أجناد الاسم المنتقم فلما طال النزاع بينهم فيمن يتسلمه من هاتين الطائفتين الذين هم وزعة الأسماء الإلهية أوحى الله إليهم إن قدروا ما بين القريتين فإلى أيهما كان أقرب كان من أهلها فقدروا ما بين القريتين فوجدوا الرجل قد ناء بصدره لا غير نحو قرية السعادة فحكم له بالسعادة فتسلمته ملائكة الرحمة ومعلوم أنه ما مشى إلا بعد حصول التوبة في قلبه أو إرادتها إن كان لا يعلم حدها فقد علم الله من ذلك ما علم وكل خطوة خطاها من أول خروجه من قريته فهجرة وحركة محمودة ومع هذا وقع الحكم بالتقدير المكاني والمكان فما سبب ذلك وما أثره في الكون وهل للحاكم فيه مدخل في الحكم بين الناس وهو الحكم بالاستهام وهو القرعة وعلم الأعمال المشروعة هل لها وجود قبل إن يعمل بها المكلف أو لا وجود لها بل هي عين عمل المكلف وإذا كانت عمله كيف تحكم الصنعة على صانعها من غير حكم النسب إذ لا أثر لها فيه إلا بما ينسب إليه منها من الثناء المحمود أو المذموم وقد ورد أن كل إنسان مرهون بعمله فمن الراهن والمرتهن إذا كان المكلف عين الرهن فما أعجب حكم الله في خلقه فوالله ما عرف الله
(٤٠)