من صاحبة ولا ولد فما ذا تبغون قالوا يا رب إنا عطشنا فاسقنا فيشار إليهم ألا تردون فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار ثم تدعى النصارى فيقال لهم ما كنتم تعبدون قالوا كنا نعبد المسيح ونقول إنه ابن الله فيقال لهم كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ويقال لهم ما ذا تبغون قالوا عطشنا يا رب فاسقنا قال فيشار إليهم ألا تردون فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر فيأتيهم رب العالمين تبارك وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها قال فيقول ما ذا تنتظرون لتتبع كل أمة ما كانت تعبد قالوا يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم قال فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئا مرتين أو ثلاثا حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب فيقول هل بينكم وبين ربكم آية تعرفونها فيقولون نعم قال فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن له بالسجود ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول أنا ربكم فيقولون نعم أنت ربنا قال ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة الحديث إلى آخره وقد طال الكلام فلنذكر ما يحوي عليه هذا المنزل من العلوم فمن ذلك علم الاسم القيوم واختلف فيه أصحابنا هل يتخلق به أم لا فكان الشيخ أبو عبد الله بن جنيد القبر فيقي من كبار مشايخ هذه الطريقة بالأندلس وكان معتزليا سمعته يمنع التخلق به وفاوضته في ذلك مرارا في محله بحضور أصحابه بقبرفيق من أعمال ونده إلى أن رجع إلى قولنا من التخلق بالقيوم كسائر الأسماء الإلهية وفيه علم نش ء عالم الغيب وفيه علم مقادير عالم الغيب وفيه علم وصف كلام الله بالتتابع وفيه علم تنزل الأرواح وما يجده من تنزل عليه من الثقل وضيق النفس ولقد كنت انقطعت في القبور مدة منفردا بنفسي فبلغني إن شيخنا يوسف بن يخلف الكرمي قال إن فلانا وسماني ترك مجالسة الأحياء وراح يجالس الأموات فبعثت إليه لو جئتني لرأيت من أجالس فصلى الضحى وأقبل إلي وحده فطلب علي فوجدني بين القبور قاعدا مطرقا وأنا أتكلم على من حضرني من الأرواح فجلس إلى جانبي بأدب قليلا قليلا فنظرت إليه فرأيته قد تغير لونه وضاق نفسه فكان لا يقدر يرفع رأسه من الثقل الذي نزل عليه وأنا أنظر إليه وأتبسم فلا يقدر أن يتبسم لما هو فيه من الكرب فلما فرغت من الكلام وصدر الوارد خفف عن الشيخ واستراح ورد وجهه إلي فقبل بين عيني فقلت له يا أستاذ من يجالس الموتى أنا أو أنت قال لا والله بل أنا أجالس الموتى والله لو تمادى على الحال فطست وانصرف وتركني فكان يقول من أراد أن يعتزل عن الناس فليعتزل مثل فلان وفيه علم استقامة عالم الغيب وعصمته من المخالفة وإنه عالم الوفاق وفيه علم ما تواطأت عليه القوي الإنسانية وعلم ما اختلفت فيه فعين تجمعها وعين تفرقها وفيه علم الأسماء التي تعطي الذكر في كل ذاكر وما حضرتها وما أثرها وفيه علم الانفراد بالحق وما الذي يدعوه إلى ذلك وهل يصح في الملأ الانفراد أو لا يصح إلا بكلية الإنسان ظاهرا وباطنا وفيه علم أسماء الجهات من حضرة الربوبية وفيه علم توحيد كل حضرة وفيه علم ملك الملك وهو علم تصريف الخلق الحق وهو مقام عزيز وفيه علم السياسة في ترك أبناء الجنس وفيه علم الوعيد وفيه علم الرسالة ومن أين بعثت الرسل ولمن بعثت من صفات الإنسان وما مقام الرسول من المرسل إليه وفيه علم الموطن الذي يلحق الأصاغر بالأكابر بالخاصية وهو علم انطواء ألزما كان انطواء ألف سنة من الزمان في يوم من أيام الرب وانطواء خمسين ألف سنة من الزمان عندنا في يوم من أيام ذي المعارج وهو كاللمحة في عالمه وكانطواء ثلاثمائة يوم وستين يوما من أيام الزمان المعلوم في يوم من أيام الشمس ولكل كوكب من السيارة والثوابت أيام تقدر لها من الأيام الزمانية بقدر اتساعها وهو من علوم هذا المنزل وفيه علم إثبات المشيئة للعبد من أي حضرة هي وأي اسم إلهي ينظر إليها وفيه علم تقلب الإنسان في عالم الغيب بين دخول وخروج وفيه علم المقادير والأوزان وما يعطي بالكيل والميزان فإنه قد ورد أن العقل يعطي بالمكيال والأعمال بالميزان وفيه علم الرفق بالكون والتخلق به وما اسمه في الأسماء الإلهية وفيه علم عجز العالم عن إدراك ما لا يمكن إدراكه ليتميز بذلك العبد فيعرف قدره وفيه علم السفر والمسافر والطريق وفيه علم ما يسافر من أجله وهل حصوله من عين المنة أم لا وهل يكون
(٤٥)