العقل إلى الله افتقار ذاتي ومن الله إلى العقل إمداد ذاتي عن تجل إرادي فيعلم من علوم التفصيل في ذلك التجلي الإجمالي ما يزيده فقرا إلى فقره وعجزا إلى عجزه لا ينفك ولا يبرح على هذه الحالة فينزل الأمر الإلهي في ذلك التجلي الإرادي بالإمداد الذاتي إلى العقل فيظهر في التوجهات العقلية إلى التوجهات النفسية ذلك الأمر الإلهي بصورة عقلية بعد ما كان في صورة أسمائية فاختلفت على ذلك الأمر الإلهي الصور بحسب الموطن الذي ينزل إليه فينصبغ في كل منزل صبغة ثم ينزل ذلك الأمر الإلهي في الرقائق النفسية بصورة نفسية لها ظاهر وباطن وغيب وشهادة فتتلقاه الرقائق الشوقية العرشية فتأخذه منها فينصبغ في العرش صورة عرشية فينزل في المعارج إلى الكرسي على أيدي الملائكة وهو واحد العين غير منقسم في عالم الخلق وقد كان نزل من النفس إلى العرش منقسما انقسام عالم الأمر فلما انصبغ بأول عالم الخلق وهو العرش ظهر في وحدانيته الخلق وهو أول وحدانية الخلق وهو أول وحدانية الخلق فهو من حيث الأمر منقسم ومن حيث الخلق واحد العين كالصوت الخارج من الصدر إلى خارج الفم عين واحدة لا يظهر فيه كمية أصلا فتقسمه المخارج إلى حروف متعددة تزيد على السبعين وهو عين ذلك الصوت الواحد فينصبغ ذلك الأمر الإلهي في الكرسي بصورة غير الصورة التي كان عليها وما من صورة ينصبغ فيها ويظهر بها إلا والأخرى التي كان عليها مبطونة فيه لا تزول عنه والأولى أبدا من كل صورة روح للصورة التي تظهر فيها من أول الأمر إلى آخر منزل تلك الروح تمد هذه الصورة الظاهرة فينزل الأمر الإلهي من الكرسي على معراجه إلى السدرة إن كان لعالم السماوات القصد وإن كان لعالم الجنان لم ينزل من ذلك الموضع وظهر سلطانه في الجنان بحسب ما نزل إليه إما في حورها أو في أشجارها أو في ولدانها أو حيث عين له من الجنان فإذا نزل إلى السماوات على معراجه نزلت معه ملائكة ذلك المقام النازل منه ومعه قوى أنوار الكواكب لا تفارقه فتتلقاه ملائكة السدرة فتأخذه من الملائكة النازلة به وترجع تلك الملائكة بما تعطيها ملائكة السدرة من الأمور الصاعدة من الأرض فتأخذها وترجع بها وتبقي أرواح الكواكب معه فإن كان فيه مما تحتاج الجنة إليه من جهة ما فيها من النبات أخذته من السدرة العلية وفروعها في كل دار في الجنة وهي شجرة النور وإليها تنتهي حقائق الأشجار العلوية الجنانية والسفلية الأرضية وأصولها شجرة الزقوم وفروع أصلها كل شجر مر وسموم في عالم العناصر كما إن كل نبات طيب حلو المذاق فمن ظاهر السدرة في الدنيا والجنة فهذه السدرة عمرت الدنيا والآخرة فهي أصل النبات والنمو في جميع الأجسام في الدنيا والجنة والنار وعليها من النور والبهاء بحيث أن يعجز عن وصفها كل لسان من كل عالم ثم إن الأمر الإلهي يتفرع في السدرة كما تتفرع أغصان الشجرة ويظهر فيه صور الثمرات بحسب ما يمده من العالم الذي ينزل إليه وقد انصبغ بصورة السدرة فينزل على المعراج إلى السماء الأولى فيتلقاه أهلها بالترحيب وحسن القبول والفرح ويتلقاه من أرواح الأنبياء والخلق الذين قبضت أرواحهم بالموت وكان مقرها هنالك وتتلقاهم الملائكة المخلوقة من همم العارفين في الأرض وتجد هنالك نهر الحياة يمشي إلى الجنة فإن كان له عنده أمانة ولا بد منها في كل أمر إلهي فإن الأمر الإلهي يعم جميع الموجودات فيلقيه في ذلك النهر مثل ما أعطى السدرة فيجري به النهر إلى الجنان وفي كل نهر يجده هنالك مما يمشي إلى الجنة وهنالك يجد النيل والفرات فيلقي إليهما ما أودع الله عنده من الأمانة التي ينبغي أن تكون لهما فتنزل تلك البركة في النهرين إلى الأرض فإنهما من أنهار الأرض ويأخذ أرواح الأنبياء وملائكة الهمم وعمار السماء الأولى منه ما بيده مما نزل به إليهم ويدخل البيت المعمور فيبتهج به وتسطع الأنوار في جوانبه وتأتي الملائكة السبعون ألفا الذين يدخلونه كل يوم ولا يعودون إليه أبدا وهم ملائكة قد خلقهم الله من قطرات ماء نهر الحياة فإن جبريل ع ينغمس في نهر الحياة كل يوم غمسته فيخرج فينتفض كما ينتفض الطائر فيقطر منه في ذلك الانتفاض سبعون ألف قطرة يخلق الله من كل قطرة ملكا كما يخلق الإنسان من الماء في الرحم فيخلق سبعين ألف ملك من تلك السبعين ألف قطرة بسبعين ألف ملك الذين يدخلون البيت المعمور كل يوم قال رسول الله ص في الحديث الصحيح في البيت المعمور إنه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبدا فانظر ما أوسع
(٢٩)