له كالعائلة ورب العيال يسعى على عياله والخلق عيال الله الأبعد والأسماء الآل الأقرب فسأله العالم لإمكانه وسألته الأسماء لظهور آثارها وما يسأل إلا فيما ليس له وجود فلا بد من وجود العالم والكتاب حاكم والعلم سابق والمشيئة محققة فمن المحال أن لا يقع وإنما وقع التكفير في الطائفة التي قالت إن الله فقير ونحن أغنياء بالمجموع فإنهم ليسوا بأغنياء عن الله وليس الحق بمتأخر عن إيجادهم ولا عن إسباغ النعم عليهم فضلا منه ومنة لحكم كتاب سبق قال الله تعالى لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب فالحكم للكتاب ونسبة الكتاب ما هي نسبة الذات وتعين إمضاء الحكم فيمن أمضاه فهو للكتاب كالسادن والمتصرف بحكم جبر المرتبة هذا تعطيه الحقائق بأنفسها وهي لا تتبدل ولو تبدلت الحقائق اختل النظام ولم يكن علم أصلا ولا حق ولا خلق فلو نظر العاقل في حكمة الخطاب الإلهي في قوله تعالى سنكتب ما قالوا وأخذه من قوله كتب ربكم على نفسه الرحمة يريد أوجبها على نفسه لأنه ما ثم موجب إلا هو تعالى فقال سنوجب ما قالوه فيما يرجع ضرره عليهم وقال في تمام الآية ونقول ذوقوا عذاب الحريق عقوبة لقولهم ولهذا كان تحقيق كفرهم بالمجموع فإنهم ليسوا بأغنياء فهذا روح هذه الآية وأما احتجاجك بما قاله لأبي يزيد فهو أيضا عين المجموع فلم يقل الذلة وحدها بل قال الذلة والافتقار ونسبة المجموع ليست بنسبة الأفراد فلو لا الممكن ما ظهر أثر للأسماء الإلهية والاسم هو المسمى عينه ولا سيما الأسماء الإلهية فالوجود طالب ومطلوب ومتعلق الطلب العدم فأما إعدام موجود وإما إيجاد معدوم قال الله تعالى الله لا إله إلا هو فما نفى إلا الألوهة أن تكون نعتا لأكثر من واحد فللأسماء الإلهية أو المرتبة التي هي مرتبة المسمى إلها التصريف والحكم فيمن نعت بها فبها يتصرف ولها يتصرف وهو غني عن العالمين في حال تصرفه لا بد منه فانظر ما أعجب الأمر في نفسه ومن هنا يعرف قول أبي سعيد الخراز أنه ما عرف الله إلا بجمعه بين الضدين ثم تلا هو الأول والآخر والظاهر والباطن وأما قول اليهود في البخل يد الله مغلولة فقال تعالى فيهم غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا أي أبعدوا عن صفة الكرم الإلهي فإن أقوالهم من أعمالهم فغلت أيديهم فوقع البخل الذي نسبوه إلى الله بهم فما شهدوا من الله إلا ما قالوا فأذاقهم طعم ما جاءوا به وكذبهم الله بعد ذلك في المال فبسط عليهم الكرم بالرحمة التي وسعت كل شئ ليعرفهم بأنهم كانوا كاذبين وهو أشد العذاب عليهم وأشد النعيم فإنه إذا بسط عليهم الجود والكرم علموا جهلهم فتوهموه فتعذبت نفوسهم بتصور الحال التي كانوا عليها من الجهل بالله ويتنعمون بإزالة ذلك ووقوفهم على العلم وعلموا أن جهلهم أورثهم الكذب على الله تعالى بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء فالحكم للمشيئة فافهم وليست مشيئته غير ذاته فأسماؤه عينه وأحكامها حكمه وما ظهر العالم إلا بما هي عليه من القوي فانظر إليه تكنه * ولا تجاوز حدك * فكل ما هو فيه * فإنما هو عندك من قدر الله حق قدره * أظهر أمر الوجود منه * فكل أمر تراه عين * من علمه فيه فهو عنه فعينه عين من تراه * لذاك ما للوجود كنه فإذا قلت الله فهو مجموع حقائق الأسماء الإلهية كلها فمن المحال أن يقال على الإطلاق فلا بد أن تقيده الأحوال وإن قيدته الألفاظ فبحكم التبعية للأحوال فكلما أضيف إليه فانظر أي اسم تستحقه تلك الإضافة فليس المطلوب من الله في ذلك الأمر إلا الاسم الذي تخصه تلك الإضافة والحقيقة الإلهية التي تطلبه فلا تتعداه ومن كان هذا حاله فقد وفى الله حقه وقدر قدره مجملا فإنه لا يقدر قدره مفصلا لأن الزيادة من العلم بالله لا تنقطع دنيا ولا آخرة فالأمر في ذلك غير متناه ألم تر أن الله تعالى بعث موسى ع برسالة إلى فرعون كان من جملتها أن يقول له إذا قال له فرعون فما بال القرون الأولى علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى يعني ما أوجبه على نفسه من ذلك فما كتبها في اللوح المحفوظ إلا ليعلم من ليس من شأنه أن لا يعلم إلا بالإعلام لا ليتذكر ما أوجبه على نفسه مما تستقبل أوقاته في المدد الطائلة فإنه سبحانه لا يضل ربي الذي جئتك من عنده لأدعوك إلى عبادته ولا ينسى وقال
(٣١٧)