فسبحان من أحيا الفؤاد بذكره * ولو لم يكن ذكر لقام به الفكر واعلم أيدك الله بروح منه أني ما رأيت ثبوت العلم على صورته لا يتغير إلا في هذا المنزل فأورثني الطمأنينة فيما علمت أنه لا يزول وأن الشبه لا تزلزله وأن الشبهة إذا جاءت لمن شاهد هذا الأمر في هذا المنزل رآها شبهة لا يمكن أن تتغير له عن صورتها بخلاف من ليس له هذا المنزل فإنه يتزلزل ويؤديه ذلك التزلزل إلى النظر فيما كان قد قطع أنه يعلمه ولا يعرف هل العلم الأول كان شبهة أو هل الشهود شبهة أو هل الأمران شبهة فيحار وذلك أنه ليس هو في علمه بالأمور على بصيرة لأنه ولدها بفكره فإذا جاءت الأمور بأنفسها لا بجعلك وإنشائك أعطتك حقائقها فعلمتها على ما هي عليه ويتعلق بهذا المنزل آيات كثيرة من القرآن العزيز ولو بسطنا الكلام فيها لطال المدى فلنذكر منها بعض آيات لا كلها ولا أشرحها وإنما أنبه عليها للعقول السليمة والأبصار النافذة فمن ذلك ولله ملك السماوات والأرض ومنها له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير في سورة التغابن ومنها وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك ومنها ويل للمطففين ومنها فويل للمصلين ومنها ويل يومئذ للمكذبين حيث وقع ومنها وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين ومنها ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله توطئة لسعادتهم ومنها لله الأمر من قبل ومن بعد فصدر بهذه الآية ليعلم بما هو الأمر عليه بالنسبة إليه ومنها أن ربهم بهم يومئذ لخبير فاكتفى بالخبرة عن العلم إذ كانت كل خبرة علما ومنها ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فجاء بحرف امتناع لامتناع ومنها ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ومنها أن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى ومنها وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا ومنها ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه الآية ومنها ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ومنها لنؤمنن به ولتنصرنه ومنها وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر الآية ومنها وإنه لحب الخير لشديد ومنها يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها ومنها أقمن يمشي مكبا على وجهه أهدى وهو الذي سقط على وجهه في النار من الصراط وهو من الموحدين ومنها وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته ومنها إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار أي تعجبا ومنها فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ومنها وهو معكم أينما كنتم فتدبر منازل هذه الآيات وأمثالها ومن هنا تعرف قوة الألف واللام اللتين للعهد والتعريف والجنس وإلحاق لام ألف بالحروف والحروف على قسمين حروف هجاء وهي الحروف الأصلية وحروف معاني وكلاهما في الرقم بالوضع وفي اللفظ بالطبع في الإنسان وكلها منك وفيك وما ثم أمر خارج عنك فلا ترجو أن تعرف نفسك بسواك فإنه ما ثم فأنت دليل عليك وعليه وما ثم من هو دليل عليك من ذا الذي ترتجيه بعدك * وأنت في الحالتين وحدك فانظر إليه به تكن هو * فكل ما فيه فهو عندك وفي هذا المنزل من العلوم علم ما للأسباب في المسببات من الأحكام وتفصيل الأسباب وهل العالم كله أسباب بعضه لبعضه وهل من الأسباب ما يكون عدما وهو سيب مثل النسب كتعلقات المعاني الموجبة أحكاما بتعلقها وفيه علم ما ثبت لله من الأحكام عقلا وشرعا وفيه علم ما فائدة الأخبار في المخير المعقول وما الأخبار التي تفيد علما من التي تفيد ظنا أو غلبة ظن من الأخبار التي تفيد حيرة من الأخبار التي تقدح في الأدلة النظرية لقدحها في العلم وفيه علم الخلق عيال الله هل معناه معنى يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله وفيما ذا يكون الفقر مع كونهم موجودين وعلمهم من الحق أنهم لا يعدمون بعد وجودهم وإنما هو تقلب أحوال عليهم فمن حال يزول وحال يأتي والزائل يعطي زواله حكما والآتي يعطي إتيانه حكما والمحكوم عليه بالحكمين واحد العين كالقائم يقعد فالقعود آت والقيام زائل فحكم زوال القيام كونه ليس بقائم وهو عين حكم القعود ويزيده القعود أحكاما لم تفهم من زوال القيام قد صار إليها وهي أنه ليس بمضطجع ولا راكع ولا ساجد ولا منبطح وفيه علم ما حكمة استفهام العالم عما يعلم وفيه علم لماذا يرجع ما يدركه البصر من تحول العين الواحدة في الصور في نظر الناظر هل هي في نفسها على ما يدركها البصر أو هي على ما هي عليه في نفسها لم تنقلب عينها وهذا راجع إلى ما يرى
(٣١٩)