بغوطة دمشق ويحسف بجيشه في البيداء بين المدينة ومكة حتى لا يبقى من الجيش إلا رجل واحد من جهينة يستبيح هذا الجيش مدينة الرسول ص ثلاثة أيام ثم يرحل يطلب مكة فيخسف الله به في البيداء فمن كان مجبورا من ذلك الجيش مكرها يحشر على نيته القرآن حاكم والسيف مبيد ولذلك ورد في الخبر أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن إلا إن ختم الأولياء شهيد * وعين إمام العالمين فقيد هو السيد المهدي من آل أحمد * هو الصارم الهندي حين يبيد هو الشمس يجلو كل غم وظلمة * هو الوابل الوسمي حين يجود وقد جاءكم زمانه وأظلكم أوانه وظهر في القرن الرابع اللاحق بالقرون الثلاثة الماضية قرن رسول الله ص وهو قرن الصحابة ثم الذي يليه ثم الذي يلي الثاني ثم جاء بينهما فترات وحدثت أمور وانتشرت أهواء وسفكت دماء وعاثت الذئاب في البلاد وكثر الفساد إلى أن طم الجور وطما سيله وأدبر نهار العدل بالظلم حين أقبل ليله فشهداؤه خير الشهداء وأمناؤه أفضل الأمناء وإن الله يستوزر له طائفة خبأهم له في مكنون غيبه أطلعهم كشفا وشهودا على الحقائق وما هو أمر الله عليه في عباده فبمشاورتهم يفصل ما يفصل وهم العارفون الذين عرفوا ما ثم وأما هو في نفسه فصاحب سيف حق وسياسة مدنية يعرف من الله قدر ما تحتاج إليه مرتبته ومنزله لأنه خليفة مسدد يفهم منطق الحيوان يسرى عدله في الإنس والجان من أسرار علم وزرائه الذين استوزرهم الله له قوله تعالى وكان حقا علينا نصر المؤمنين وهم على أقدام رجال من الصحابة صدقوا ما عاهدوا الله عليه وهم من الأعاجم ما فيهم عربي لكن لا يتكلمون إلا بالعربية لهم حافظ ليس من جنسهم ما عصى الله قط هو أخص الوزراء وأفضل الأمناء فأعطاهم الله في هذه الآية التي اتخذوها هجيرا وفي ليلهم سمير أفضل علم الصدق حالا وذوقا فعلموا إن الصدق سيف الله في الأرض ما قام بأحد ولا اتصف به إلا نصره الله لأن الصدق نعته والصادق اسمه فنظروا بأعين سليمة من الرمد وسلكوا بأقدام ثابتة في سبيل الرشد فلم يروا الحق قيد مؤمنا من مؤمن بل أوجب على نفسه نصر المؤمنين ولم يقل بمن بل أرسلها مطلقة وجلاها محققة فقال يا أيها الذين آمنوا آمنوا وقال وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ وقال والذين آمنوا بالباطل فسماهم مؤمنين وقال وإن يشرك به تؤمنوا فسمى المشرك مؤمنا فهؤلاء هم المؤمنون الذين إيه الله بهم في قوله يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل فميزهم عن المؤمنين من أهل الكتاب والكتب وما تم مخبر جاء بخبر إلا الرسل فتعين إن المؤمنين الذين أمروا بالإيمان أنهم الذين آمنوا بالباطل وآمنوا بالشريك عن شبه صرفتهم عن الدليل لأن الذين آمنوا بالباطل كفروا بالله والذين آمنوا بالشريك اشمأزت قلوبهم إذا ذكر الله وحده فما أتاهم بهذا الخبر إلا أئمتهم المضلون الذين سبقوهم وكان ذلك في زعمهم عن برهان أعني الأئمة لا عن قصور بل وفوا النظر حقه فما أعطاهم استعدادهم الذي آتاهم الله وما كلف الله نفسا إلا ما آتاها وما آتاها غير ما جاءت به فآمن بذلك أتباعهم وصدقوا في إيمانهم وما قصدوا إلا طريق النجاة ما قصدوا ما يرديهم ولما رأوا أن الله يفعل ابتداء ويفعل بالآلة جعلوا الشريك كالوزير معينا على ظهور بعض الأفعال الحاصلة في الوجود فلما ذكر الله وحده رأوا أن هذا الذاكر لم يوف الأمر حقه لما علموا من توقف بعض الأفعال على وجود بعض الخلق وما كان مشهودهم إلا الأفعال الإلهية الحاصلة في الوجود عن الأسباب المخلوقة فلم يقبلوا توحيد الأفعال لأنهم ما شاهدوه ولو قبلوه أبطلوا حكمة الله فيما وضع من الأسباب علوا وسفلا فهذا الذي أداهم إلى الاشمئزاز وعدم الإنصاف فذمهم الله إيثار الجناب المؤمنين الذين لم يروا فاعلا إلا الله وأن القدرة الحادثة والأمور الموقوفة على الأسباب لا أثر لها في الفعل فهذه الطائفة وحدها هي التي خص الله بهذا الخطاب وأما الذين كفروا بالله فهم الذين ستروه بحجاب الشرك وآمنوا بالباطل والباطل عدم وما رأوا من ينتفي عنه التشبيه والشرك إلا العدم فإن الوجود صفة مشتركة
(٣٢٨)