صعبة في الشرع وأما في العقل فهي هينة الخطب وفيه علم ما يعظ به العالم من هو دونه وتربية الشيخ للتلميذ الإلهي وفيه علم ما ينفي أن يكون في المعلوم ضدان من جميع الوجوه جملة واحدة من غير إن يكون بينهما مثلية بوجه ما وفيه علم ما تنتجه مؤاخاة الصفات المثلية الإلهية في الكون وفيه علم الرمي المحسوس والمعنوي وما يقع فيه الاشتراك وما لا يقع فيه اشتراك من ذلك وفيه علم نسبة الكلام إلى كل صنف صنف من المخلوقات كلها وفيه علم ألفة النسب وهل يقع بين المتناسبين افتراق معنوي أم لا وفيه علم التصرف في الخلاء وهل يصح تصرف في الملأ أم لا وهل في العالم خلاء أو هو كله ملأ وحكمة وجود الأجسام مختلفة فيما يقبل الخرف منها بسهولة وما لا يقبل الخرق إلا بمشقة وما شف منها وما لم يشف وما لطف منها وما كثف وقوة الألطف على الأكثف حتى يزيله ويخرقه وفيه علم حكمة التحيز في العالم دنيا وآخرة وفيه علم هل للبصر أثر في المبصر أم لا وفيه علم ما يحفظ به الخرق بين الشيئين حتى لا يلتئما وفيه علم لفاعل والمنفعل خاصة لا الانفعال وفيه علم الاستعدادات التي يقبل صاحبها التعليم ممن لا يقبله وإذا رأى الشيخ ذلك هل يبقى على تعليمه وتربيته أم يقصر في ذلك أو يتركه رأسا فمن الناس من يرى أنه يتركه أو يقصر في أمره حتى يتركه التلميذ من نفسه ومنهم من يقول إن الشيخ يبذل المجهود في تعليم من يعلم منه أنه لا يقبل وما عليه إلا ذلك فيوفي حق ما يجب عليه ولا يلزمه إلا ذلك فإنه ليس بمضيع زمانا في ذلك وهذا هو الحق عند الأكابر ومعاملة الحق بما تستحقه الربوبية وقد جاء في الشرع المطهر لأزيدن على السبعين وأما التبري منه بعد البيان فلا يناقض التعليم والإرشاد وإن لم يقبل فإنه وإن تبرأ منه في قلبه وفي الدعاء له فلا يتبرأ مما بعث به فله إن يقول ويعلم ما يلزمه إلا هذا ورأينا جماعة من أهل الله على خلاف هذا وهو غلط عظيم وفيه علم نيابة هاء الهوية عن هاء التنبيه وكم مرتبة لها في العلم الإلهي وفيه علم ما يذهب الفقر من النكاح وبه كان يقول أبو العباس السبتي صاحب الصدقة بمراكش رأيته وعاشرته فرأيته وجاءه إنسان يشكو الفقر فقال تزوج فتزوج فشكى إليه الفقر فقال تزوج أخرى فتزوج اثنين فشكى إليه الفقر فقال له ثلث فثلث فشكى إليه الفقر فقال له ربع فربع فقال الشيخ قد كمل فاستغنى ووسع الله في رزقه ولم يكن في نسائه اللاتي أخذهن من عندها شئ من الدنيا فأغناه الله وفيه علم الاسترقاق الكوني والتخلص منه وما لمن يسعى في تخليص الإنسان من رق الأمثال له وهل يوازن فك العاني حرية العبد أم لا وفيه علم مقامات رجال الله وفيه علم ما يجتمع فيه خلق الله وفيه علم الآثار العلوية وفيه علم الكون والفساد وفيه علم الحيوان وفيه علم الاستجلاب والاستنزال وفيه علم ما يحتاج إليه النواب وفيه علم أحكام المكلفين وبما ذا يتعلق التكليف وفيه علم رفع الحرج من العالم في حق هذا العالم به مع وجود الحرج في العالم وفيه علم إلحاق الأجنبي بالرحم وفيه علم من لم ير غير نفسه في شهوده ما حكمه في ذلك في معاملته نفسه وفيه علم الاختيار والجبر وفيه علم ما يعطيك العلم بكل شئ وهو العلم الإلهي والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (انتهى النصف الأول من الجزء الثالث من الفتوحات المكية ويليه النصف الثاني أوله الباب الأحد والستون وثلاثمائة في معرفة منزل الاشتراك مع الحق في التقدير)
(٢٩٢)