ما لها من الحق قبله فوفى ذلك الفعل حقه فإن كان من الأمور المأمور بفعلها أعطاها حقها في نشأتها حتى تقوم سوية الخلق معدلة النش ء فلم يتوجه لذلك الفعل حق على فاعله فلله الخلق وللعبد الحق فالحق أعطى كل شئ خلقه والخلق أعطى كل شئ حقه فدخل الحق في الخلق ودخل الخلق في الحق في هذه المسألة وإن كان من الأمور المنهي عنها فحقها على هذا العبد أنه لا يوجدها ولا يظهر لها عينا أصلا فإن لم يفعل فما وفاها حقها وتوجهت عليه المطالبة لها فلم يعط كل شئ حقه فلم يقم في الحق مقام الحق في الخلق فكان محجوجا فهكذا ينبغي أن تعرف الأمور والأوامر الإلهية وصورة التروك في الجناب الإلهي هو الذي لم يوجد من أحد الممكنين لوجود الآخر المرجح وجوده فهو من حيث إنه لم يوجد ترك له وهذه مسألة نبهناك عليها لعلمنا أنك ما تجدها في غير هذا الكتاب لأنها عزيزة التصور قريبة المتناول لمن اعتنى الله به تعطي الأدب مع الله وحفظ الشريعة على عباد الله وهي من الأسرار المخزونة عند الله التي لا تظهر إلا على العارفين بالله ولا ينبغي كتمها عن أحد من خلق الله فإن كتمها العالم بها فقد غش عباد الله ومن غشنا فليس منا أي ليس من سنتنا الغش ولما وقفنا على هذه المسألة في كتاب الرحمة الإلهية الذي هو سرح عيون قلوب العارفين شكرنا الله تعالى حيث رفع الغطاء وأجزل العطاء فله الحمد والمنة وإذا قام العبد صورة ما ذكرناه من كونه خلاقا تعين عليه من تمام الصورة الإلهية التي هو عليها أن يحفظ على ما أوجده صورته ليكون له البقاء أعني لذلك الموجود عنه فيدفعه لمن يحفظ البقاء عليه وهو الله فاتخذه وكيلا في ذلك الأمر وأمثاله عن أمر ربه فلا ينسب إلى سوء الأدب في ذلك فالعبد في كل نفس مشغول بخلق ما أمر بخلقه والحق بتوكيل هذا العبد له قائم بحفظ ما خلقه بإذن ربه في الخلق والتوكيل وهذا علم دقيق إلهي وهو رد الحفظ إلى الله بحكم الوكالة عن أمر الله وإيجاد الأشياء عن العبد بأمر الله فلم يزل هذا العبد في كل حال تحت أمر الله ومن لم يزل تحت أمر الله في جميع أحواله لم يزل عند الله في شهوده أبدا دائما دنيا وآخرة فإنه له النش ء حيث كان في الأولى والآخرة عن أمر الله قال تعالى في حق عيسى وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيه فيكون طيرا بإذني وكذلك أمر المكلف بالعمل فما عمل إلا بإذن الله وموطن هذا العبد واستقراره إنما هو عند ربه من حيث هو خير وأبقى وهو الآخرة التي هي خير وأبقى وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى وهو عطاء كن في ظاهر العين كما هو له في الباطن فإن الإنسان له في باطنه قوة كن وما له منها في ظاهره إلا الانفعال وفي الآخرة يكون حكم كن منه في الظاهر وقد يعطي لبعض الناس في الدنيا وليس لها ذلك العموم فمن رجال الله من أخذ بها ومن رجال الله من تأدب مع الله فيها لعلمه أن هذا ليس بموطن لها ولا سيما وقد رأى الأكابر الذين لا خلاف في تقدمهم عليه وعلينا قد قيل له إنك لا تهدي من أحببت وقيل له أفأنت تنقذ من في النار لأنه إذا أسلم فليس من أهل النار فلما رآها رجال الله غير عامة الحكم في هذه الدار جعلوا حكم ما لا تعم إلى حكم ما تعمه فترك الكل إلى موطنه وهذه حالة الأدباء العلماء بالله الحاضرين معه على الدوام فالأديب خلاق في هذه الدار بالعمل لا بكن بل ببسم الله الرحمن الرحيم ليسلم في عمله من مشاركة الشيطان حيث أمره الله بالمشاركة في الأموال والأولاد فهو ممتثل هذا الأمر الإلهي حريص عليه ونحن مأمورون باتقائه في هذه المشاركة فطلبنا ما نتقيه به لكونه غيبا عنا لا نراه فأعطانا الله اسمه فلما سمينا الله على أعمالنا عند الشروع فيها توحدنا بها وعصمنا من مشاركة الشيطان فإن الاسم الإلهي هو الذي يباشره ويحول بيننا وبينه وإن بعض أهل الكشف ليشهدون هذه المدافعة التي بين الاسم الإلهي من العبد في حال الشروع وبين الشيطان وإذا كان العبد بهذه الصفة كان على بينة من ربه وفاز ونجا من هذه المشاركة وكان له البقاء في الحفظ والعصمة في جميع أعماله وأحواله وهذا المنزل يحوي على علوم منها علم الفرق بين الدليل والآية وأن صاحب الآية هو الأولى بنسبة الحكمة إليه وبالاسم الحكيم من صاحب الدليل فإن الآية لا تقبل الشبهة ولا تكون إلا لأهل الكشف والوجود وليس الدليل كذلك وفيه علم الاختراع الدائم ولا يكون في الأمثال إلا فيما تتميز به بعضها عن بعض ذلك القدر هو حكم الاختراع فيها وما وقع فيه الاشتراك فليس بمخترع فافهم وفيه علم الخواص وفيه علم السبب الذي لأجله لا يرفع العالم بما علمه رأسا مع تحققه أن ذلك الوضع له يضره وفيه علم الفرق بين قول الإنسان في الشئ نعم بفتح العين وبين كسرها وأين يقول
(٢٤٠)