فلو يضاهيه خلق من بريته * ضاهاه قلبي ولكن عزه منعا فقلت للقلب لا تحجب بصورته * فما أجاب ولا أصغى ولا سمعا دعاه قلبي فلباه بحاجته * فعزه قوله لبيك حين دعا لو أن قلبي يدري ما أقول له * في مثل ما يبتغيه منه ما طمعا لكنه جاهل بالأصل مبتئس * فعند ما جاء ما أغناه قال دعا فمن حفظ على نفسه ذله وافتقاره وحفظ على الله أسماءه كلها التي وصف بها نفسه والتي أعطى في الكشف أنها له فقد إنصف فاتصف بأنه على كل شئ حفيظ (وصل) ولما فتح الله باب الرحمتين وبان الصبح بهما لذي عينين أوقف الحق من عباده من شاء بين يديه وخاطبه مخبرا بما له وعليه وقال له إن لم تتق الله جهلته وإن اتقيته كنت به أجهل ولا بد لك من إحدى الخصلتين فلهذا خلقت لك الغفلة حتى تتعرى عن حكم الضدين والنسيان لأنه بدون الغفلة يظهر حكم أحدهما فاشكر الله على الغفلة والنسيان ثم قيل له احذر من أهل الستور إن يستدرجوك إليها فإنهم أهل خداع ومكر أيكون الستر على من هو منك أقرب من حبل الوريد فما استتر عنك إلا بك فأنت عين ستره عليك فلو رأيت باطنك رأيته وكذلك ذو الوجهين فإن له وجها معك ووجها معه فيحيرك فاحذره كما تحذر الحجاب فهم جعلوا أنفسهم حجابا ما أنا اتخذتهم حجبة فإذا رأيت من يدعوك إلى فيك فأولئك حجتي فاصغ إليهم فإنهم نصحوك وصدقوك ثم قيل له لم يتسم الله بالحكيم إلا من أجلك وتسمى بالعليم من أجلك ومن أجله فقد خصك بأمر ليس له وهو لك فأنت أعظم إحاطة في الصفات منه لأنه كل ما له لك فيه اشتراك فما اختص بشئ دونك وهو كماله الذي ينبغي له واختصصت أنت بأمر ليس له وهو كمالك الذي ينبغي لك ولا ينبغي له فما ثم إلا كمال في كمال ثم قيل له اتبع الخبر ولا تتبع النظر المعرى عن الخبر فإن الله ما تسمى بالخبير إلا لهذا ثم قيل له اعتمد عليه تعالى في وكالتك واحذر أن تكون له وكيلا ثم قيل له أنت قلب العالم وهو قلبك فشرفك به وشرف العالم بك ثم قيل له لا تجهل من أنت له وهو لك مثل من أنت منه وما هو منك كما لا تجعل من هو منك من أنت منه وأجر مع الحقائق على ما هي عليه في أنفسها فإن لم تفعل وقلت خلاف هذا تكذبك مشاهدة الحقائق فتكون من الكاذبين وهذا هو قول الزور لأنه قول مال بصاحبه عن الحق الذي هو الأمر عليه وزال عن العدل ثم قيل له ليكن مشهودك ما تقصده حتى تعرف ما تقصد فإن اجتهدت وأخطأت بعد الاجتهاد فلا بأس عليك وأنت غير مؤاخذ فإن الله ما كلف نفسا إلا ما أتاها فقد وفت بقسمها الذي أعطاها الله فهو الذي ستر ما ستر لحكمه وكشف ما كشف لحكمه رحمة بعباده ثم قيل له الحق أولى بعباده المضافين إليه المميزين من غيرهم وهم الذين لم يزالوا عباده في حالة الاضطرار والاختيار من نفوسهم وما هو مع من لم يضف إليه بهذه المثابة فلكل عالم حظ معلوم من الله لا يتعدى قسمه ثم قيل له إذا بذلت معروفا فلا تبذله إلا لمعروف وأنت تعرف من هو المعروف فإن للمعروف أهلا لا يعلمهم إلا الله ومن أعلمه الله ثم قيل له قد علمت إن لله ميثاقين وأنك مطلوب بهما فإن العلماء ورثة الأنبياء فانظر لمن أنت وارث فإن ورثت الجميع تعين عليك العمل بميثاق الجميع وإن كنت وارثا لمعين فأنت لمن ورثته ثم قيل له أصدق ولا تأمن ثم قيل له إن ذكرت النعم كنت لها وكنت عبد نعمة وإن ذكرت الله كنت له وكنت عبد الله وإن ذكرت الأمرين كنت عبد المنعم وعبد الله فأنت أنت حكيم الوقت فإن لم تناد بعبد المنعم فاعلم إنك عبد المنعم خاصة فاجعل بالك إذا نوديت من سرك بأي اسم تنادي من أسماء إضافة العبودية إليه فكن منه على حذر ثم قيل له إن لله قهرا خفيا في العالم لا يشعر به وهو ما جبرهم عليه في اختيارهم وقهرا جليا وهو ما ليس لهم فيه اختيار يحكم عليهم فرجال الله يراقبون القهر الخفي لأنه عليه يقع السؤال من الله والمطالبة فإن شهدت الجبر في اختيارك كنت ممن شهد الجبر الجلي فيرفع عنك المطالبة ذلك الشهود ولكن المشاهد له عزيز ما رأيت من أهل هذا اللسان والحال إلا قليلا بل ما رأيت إلا واحدا بالشام ففرحت به ثم قيل له لك ست جهات أربعة منها للشيطان وواحدة لك وواحدة لله فأنت فيما منها لله معصوم فمن ثم خذ التلقي واحذر من الباقي وهو الخمسة ولذا جاء
(٢٢٩)