منه في المتلو الذي هو قبله ففيه ما في الأول وزيادة هكذا هي كلمات الوجود الإلهية والآخر يتضمن ما في الأول والظاهر يتضمن ما في الآخر والأول والباطن يتضمن ما في الظاهر والآخر والأول ولو جاء شئ بعد الباطن لتضمن الباطن وما قبله ولكن الحصر منع أن يكون سوى هذه الأربعة ولا خامس لها إلا هويته تعالى وما ثم في العالم حكم إلا من هذه الأربعة وعلى صورة هذه الأربعة ظهر عالم الأرواح وعالم الأجسام وما ثم عالم سوى هذين فمن الإلهيات علم وإرادة وقدرة وقول عنها ظهر عالم الأرواح الخارج عن الطبيعة والطبيعة ثم أظهر عن هذه الأربعة الإلهية الطبيعة على أربع وعنها أظهر عالم الأجسام كثيفها ولطيفها كما أظهر عن هذه الأربع الإلهية من عالم التدوين والتسطير عقلا ونفسا وطبيعة وهيولى قبل ظهور الأجسام وأظهر الأركان أربعة وهي النار والهواء والماء والتراب وأظهر النشأة الحيوانية على أربعة أخلاط وجعل لهذه الأخلاط أربع قوى جاذبة وماسكة وهاضمة ودافعة فأقام الوجود على التربيع وجعله لنفسه كالبيت القائم على أربعة أركان فإنه الأول والآخر والظاهر والباطن فللباطن ركن الحجر الأسود فإنه يمين الله في الأرض المقبل على جهة البيعة لله فالعين تقع على الحجر والبصيرة تقع على اليمين فاليمين باطن للحجر غير ظاهر للبصر فيشرف ركن الحجر على سائر الأركان فضم حكم الباطن حكم الثلاثة النعوت التي قبل الباطن وهو المخصوص بهذا المنزل ولب هذا المنزل هو الصورة الإلهية التي منها يكون الإمداد له لب تلك الصورة وهو روحها وهو لب اللب وهو خزانة الإمداد لهذا المنزل ولهذا المنزل التحكم في العالم كله كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة توقد من شجرة هويته فهي لا شرقية ولا غربية لا تقبل الجهات عن هذه الزيتونة يكون الزيت وهو المادة لظهور هذا النور فهذه أربعة مشكاة وزجاجة ومصباح وزيت والخامس الهوية وهو الزيتونة المنزهة عن الجهات وكني عنها بالشجرة من التشاجر وهو التضاد لما تحمله هذه الهوية من الأسماء المتقابلة كالمعز والمذل والضار والنافع فانظر ما أكمل العبارات الإلهية في الإخبار بما هو الأمر عليه فمن دخل هذا المنزل وفاته شئ من العالم وحقائقه فما دخله وإنما خيل الشيطان له أو النفس أنه دخله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم إذ حضرة الخيال تنشئ كل صورة وكثير من الناس يدخلون هذه الحضرة الخيالية ويشاهدون ما تجلى لهم من الصور فيزعمون أنهم شاهدوا الوجود الثابت العين على ما هو عليه ولم يكن سوى ما صوره الخيال فمن يلي بمثل هذا فليتربص قليلا فإن كان ما يشاهده روحا ثابت العين في الوجود أو محسوسا في العين فإنه يثبت ولا يتغير وإن كان خيالا فلا يثبت ويسرع إليه التغير في الحال ويرى صورة التغير فيه ويعلم أن الذي ظهر له بالتغير هو عين الأول ويرى بعضهم نفسه في صورتين وأكثر ويعلم أنه هو فبهذا يفرق بين الصور الثابتة في عينها حسا وروحا وبين الصور الخيالية وهذا ميزانها لمن لا معرفة له فقد نبهتك ونصحتك فلا تغفل عن هذا الميزان إن كنت من أهل الكشف وما جعل الله النوم في العالم الحيواني إلا لمشاهدة حضرة الخيال في العموم فيعلم إن ثم عالما آخر يشبه العالم الحسي ونبهه بسرعة استحالة تلك الصور الخيالية للنائمين من العقلاء على إن في العالم الحسي والكون الثابت استحالات مع الأنفاس لكن لا تدركها الأبصار ولا الحواس إلا في الكلام خاصة وفي الحركات وما عدا هذين الصنفين فلا تدركه صورة الاستحالات والتغيرات فيها إلا بالبصيرة وهو الكشف أو بالفكر الصحيح في بعض هذه الصور لا في كلها فإن الفكر يقصر عن ذلك وأصل ذلك كله أعني أصل التغير من صورة إلى مثلها أو خلافها في الخيال أو في الحس أو حيثما كان في العالم فإنه كله لا يزال يتغير أبد الآبدين إلى غير نهاية لتغير الأصل الذي يمده وهو التحول الإلهي في الصور الوارد في الصحيح فمن هناك ظهر في المعاني والصور فمن معنى إلى معنى * ومن صور إلى صور وهو قوله تعالى كل يوم هو في شأن وهو ما يحدثه من التغييرات في الأكوان فلا بد أن يظهر في كل صورة تغيرها بحكم لا يكون إلا لذلك المتغير فإن فهمت فقد أبنت لك الأمر على ما هو عليه فإن في ذلك لذكرى أي في تغيير العالم ذكرى بتغير الأصل لمن كان له قلب فإن القلب له التقليب من حال إلى حال وبه سمي قلبا فمن فسر القلب بالعقل فلا معرفة له بالحقائق فإن العقل تقييد من العقال فإن أراد بالعقل الذي هو التقييد ما نريده نحن أي ما هو مقيد بالتقليب فلا يبرح
(١٩٨)