سنة مما نعده من سنينا ثم أوجد بين هذين الفلكين الجنة وما فيها ومن العالم ما لا يحصي عددهم إلا الله ومن فلك البروج إلى آخر العالم الجسمي ظهر حكم البروج الهوائية والنارية والمائية والترابية في الفضاء الذي بين كل فلك وفلك ولا يعلم ذلك إلا بالمشاهدة والذين لا علم لهم بذلك يقولون إن الأفلاك تحت مقعر كل فلك منها سطح الذي تحته ولا علم لهم بأن بينهم فضاء فيه حكم الطبيعة كما هي في العناصر سواء غير أنها مختلفة الحكم بحسب القوابل ثم أوجد الأركان الأربعة على حكم ما هي عليه البروج التي في الفلك الأطلس لكل ركن طرفان وواسطة للثلاثة الوجوه التي في البروج فللأثير حكم الحمل والأسد والقوس فالقوس والأسد للطرفين والحمل للوسط وللتراب الثور والسنبلة والجدي فالجدي والسنبلة للطرفين والثور للوسط وللهواء الجوزاء والميزان والدالي فالميزان والجوزاء للطرفين والدالي للوسط وللماء السرطان والعقرب والحوت فالحوت للوسط والعقرب والسرطان للطرفين وإنما رتبناها هذا الترتيب لأن وجود الزمان والعالم الذي يحتوي عليه الفلك الأطلس كان بطالع الميزان وقد انتهت الدورة بالحكم إليه من أول مبعث رسول الله ص ونحن اليوم في سلطانه ولهذا كان العلم والعدل في هذه الأمة والكشف أكثر وأتم مما كان في غيرها من الأمم وكل ما مضى الأمر استحكم سلطانه وعظم الكشف حتى يظهر ذلك في العام والخاص فتكلم الرجل عذبة سوطه ويكلم الرجل فخذه بما فعل أهله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلقه الله ولما خلق الله الأركان خلق منها دخانا فتق فيه سبع سماوات ساكنة غير متحركة وأوحى في كل سماء أمرها بأن خلق لها أفلاكا وجعلها محلا لسباحات الجواري الكنس الخنس وخلق فيها عمارا يعمرونها من الملائكة وجعل لها أبوابا تغلق وتفتح لنزول الملائكة وعروجها وأسكنها أرواح من شاء من أنبيائه وعباده وخلق في الفضاء الذي بين سطح السماء السابعة ومقعر فلك الكواكب سدرة المنتهى التي غشاها من نور الله ما غشى وخلق على سطح هذه السماء البيت الضراح وقد تقدم ذكره وذكر الملائكة التي تدخله في كل يوم ويخرج من أصل هذه السدرة أربعة أنهار تمشي إلى الجنة فإذا انتهت إلى الجنة أخرج الله منها على دار الجلال نهرين النيل والفرات اللذين عندنا في الأرض فأما النيل فظهر من جبل القمر وأما الفرات فظهر من أرزن الروم وأثر فيهما مزاج الأرض فتغير طعمهما عما كان عليه في الجنة فإذا كان في القيامة عادا إلى الجنة وكذلك يعود سيحون وجيحون ولما فتق الله هذه السماوات بعد ما كانت رتقا في الدخان ومعنى الدخان أنه أصل لها وهي اليوم سماوات كما إن آدم خلقه من تراب أي أصله وهو لحم ودم وعروق وأعصاب كما خلقنا من ماء مهين وأحدث الله الليل والنهار بخلق الشمس وطلوعها وغروبها في الأرض فأما السماوات فنور ليس فيها ليل ولا نهار ومخرج الليل من كرة الأرض التي غرب عنها الشمس مخروط الشكل كشكل نور السراج كما تبصره يخرج من رأس الفتيلة فيشعل الهواء مخروط الشكل إلى أن ينتهي إلى أمد قوة اشتعاله وينقطع ويبقى الهواء الذي فوقه محترقا غير مشتعل قوى الحرارة ولما سبحت هذه الأنجم في أفلاكها جعل الله لكل كوكب يوما من أيام حركة فلك البروج سمي تلك الأيام زمانا يعد به حركة الفلك كما جعل حركة فلك البروج أياما كل حركة يوم يعد به مدة الزمان المتوهم الذي يتوهم ولا يعلم ولا يدرك وهو الدهر الذي نهينا عن سبه وقال الناهي إن الله هو الدهر فجعله اسما من أسمائه فله الأسماء الحسنى جل وتعالى فعين لكل يوم ليلا ونهارا وفرق بين كل ليلة ونهارها بحكم الكواكب الذي هو لليوم الذي ظهر فيه الليل أو النهار فينظر لمن هي أول ساعة من النهار من الجواري فهو حاكم ذلك النهار ويطلب في الليالي فالليلة التي حكم في أول ساعة منها ذلك الكوكب الذي حكم في أول ساعة من النهار فتلك الليلة ليلة ذلك النهار وبالحساب تعرف ذلك وفتق الأرض سبعا جعل لكل أرض قبولا لنظر كوكب من الجواري إليه وقد ذكرنا ذلك كله فيما تقدم وجعل لكل كوكب قطعا في فلك البروج فإذا انتهى قطعه فذلك يوم واحد له هو يومه الذي أحدثه قطعه وجعل حركات هذه الأفلاك والأركان في الوسط لا من الوسط ولا إلى الوسط وجعل حركة عمارها إلى الوسط ومن الوسط وتحدث الأشياء عند هذه الحركات في عالم الخلق والأمر وفي الجناب الأقدس وهي آثار محسوسة ومعقولة يحكم بها دليل الشرع والعقل وهي
(٢٠٣)