ذكر أنه نور السماوات والأرض فله الطلوع والغروب علينا من خلف حجاب الإنسان المثلى الذي ذكرنا أنه ظله المخلوق على صورته الأزلي الحكم الذي نفى عنه المثلية وأثبت عين وجوده في قوله ليس كمثله شئ بكاف الصفة فيسمى ليله باطنا ونهاره ظاهرا فهو الباطن من حيث ليله وهو الظاهر من حيث نوره وذلك المثل الإنساني يميز طلوع هذا النور فيكون النهار وغروب هذا النور فيكون الليل وهو حكم الظاهر والباطن في العالم وقد قررنا أنه لكل اسم في العالم حكم قبل هذا فالدهر من حيث عينه يوم واحد لا يتعدد ولا ليل له ولا نهار فإذا أخذته الأسماء الإلهية عينت بأحكامها في هذا اليوم الأزلي الأبدي الذي هو عين لدهر الأيام الإلهية التي أمر المذكر أن يذكرنا بها لنعرفها من أيام الزمان وأنه إذا أخذ الاسم النور في وجود الظل المثلى المنزه وفي طلوعه على من فيه من العالم سمي العالم الذي في هذا المثل ذلك الطلوع إلى وقت غروبه عنهم نهارا ومن وقت غروبه عنهم سموه ليلا وذلك النور غير غائب عن ذلك الظل كما إن الشمس غير غائبة عن الأرض في طلوعها وغروبها وإنما تطلع وتغيب عن العالم الذي فيها والظلام الحادث في الأرض إنما هو ظلال اتصالات ما فيها من العالم فهو على الحقيقة ظل يسمونه ظلاما والذين يسمونه ظلاما ممن ليس له هذا الكشف يجعل ذلك ظل الأرض لما هي عليه من الكثافة وهي في المثل الظلي الإلهي ظل أعيان عمرته لا غير فاعلم ذلك ثم جعل الله هذه الأيام المعلومة عندنا التي أحدثتها حركة الأطلس والليل والنهار اللذين أحدثتهما حركة القلب أعني الشمس ليقدر بها أحكام الأيام الإلهية التي للأسماء فهي كالموازين لها يعرف بها مقادير تلك الأيام فقال وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون فإذا ضربت ثلاثمائة يوم وستين يوما في ألف سنة فما خرج لك بعد الضرب من العدد فهو أيام التقدير التي ليوم الرب فينقضي ثم ينشئ في الدهر يوما آخر لاسم آخر غير اسم الرب وكذلك يضرب ثلاثمائة يوم وستين يوما في خمسين ألف سنة فما خرج لك بعد الضرب من الأيام فهو أيام التقدير التي ليوم ذي المعارج من الأسماء الإلهية فإذا انقضى ذلك اليوم أنشأ في الدهر يوما آخر لاسم آخر غير الذي لذي المعارج هكذا الأمر دائما فلكل اسم إلهي يوم وإنما ذكرنا هذين اليومين يوم الرب ويوم ذي المعارج لكونهما جاءا في كتاب الله فلا يقدر المؤمنون بذلك على إنكارهما وما لم يرد إلا على ألسنتنا فلهم حكم الإنكار في ذلك بل الأمر كما ذكرناه أنه ما من اسم إلهي مما يعلم ويجهل إلا وله يوم في الدهر وتلك أيام الله والكل على الحقيقة أيام الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون فإذا نزلنا من الأسماء الإلهية إلى يوم العقل الأول قسمه حكمه في النفس الكلية إلى ليل ونهار فليل هذا اليوم عند النفس أعراض العقل عنها حين يقبل على ربه بالاستفادة ونهاره عند هذه النفس حين يقبل عليها بالإفادة فهو يومها وجعل الله من هذا الحكم في النفس قوتين قوة علمية وهي ليلها في العالم الذي دونها وقوة عملية وهي النهار في العالم الذي دونها وهو المسمى غيبا وشهادة وحرفا ومعنى ومعقولا ومحسوسا فهذا الحكم في النفس يوم لا نهار فيه ولا ليل وهو في العالم نهار وليل وكذلك يوم الهيولى الكل ليلها جوهرها ونهارها صورتها وهي في نفسها يوم لا ليل فيه ولا نهار وشمس كل ليل ونهاره هو المعنى المظهر لهذا الحكم الذي به ينسب إلى هذا اليوم ليل ونهار فإذا نزلنا إلى فلك البروج تعين في حركته اليوم وعين ذلك الكرسي الذي تقطع فيه فتعيينه من فوق لأنه لم يكن ظهر في جوفه بعد ما تعين به حركته مستوفاة فهو يوم لا نهار له ولا ليل ولا مقدار أيام من جهة مقعره وهو متماثل الأجزاء ما هو متماثل الأحكام ولما كان الكرسي هو الذي أظهر فيه تعيين الأحكام بتعيين المقادير المسماة بروجا وجعل لكل مقدار فيها ملكا معينا تعينت المقادير بتلك الأحكام التي وليها ذلك الملك المعين فإذا دار دورة واحدة سميت من جهة الكرسي يوما وكانت الكلمة في العرش واحدة مثل حكم اليوم فلما وجد الكرسي تحت العرش كحلقة ملقاة في فلاة من الأرض انقسمت في الكرسي تلك الكلمة الواحدة التي هي يوم العرش فكانت قسمتها بالقدمين اللتين تدلتا إلى هذا الكرسي وهما قدم الرب وقدم الجبار فكانتا أعني هاتين القدمين ليوم العرش كالنهار والليل اللذين قسما اليوم ويوم العرش أحدية كلمته لأن أمر الله واحدة ثم إن الله أوجد فلك الكواكب الثابتة التي ميزتها مقادير البروج ولكل كوكب منها قطع في فلك البروج فإذا قطعه الكوكب كله كان يوما واحدا من أيام ذلك الكوكب مدة قطعه وهو يقطع درجة من ثلاثمائة وستين درجة في مائة
(٢٠٢)