في ظهوره روحا وجسما وصورة ومعنى نائم لا ميت وإن روحه الذي هو محمد ص هو من العالم في صورة المحل الذي هو فيه روح الإنسان عند النوم إلى يوم البعث الذي هو مثل يقظة النائم هنا وإنما قلنا في محمد ص على التعيين إنه الروح الذي هو النفس الناطقة في العالم لما أعطاه الكشف وقوله ص إنه سيد الناس والعالم من الناس فإنه الإنسان الكبير في الجرم والمقدم في التسوية والتعديل ليظهر عنه صورة نشأة محمد ص كما سوى الله جسم الإنسان وعدله قبل وجود روحه ثم نفخ فيه من روحه روحا كان به إنسانا تاما أعطاه بذلك خلقه وهو نفسه الناطقة فقبل ظهور نشأته ص كان العالم في حال التسوية والتعديل كالجنين في بطن أمه وحركته بالروح الحيواني منه الذي صحت له به الحياة فأجل فكرك فيما ذكرته لك فإذا كان في القيامة حيي العالم كله بظهور نشأته مكملة ص موفر القوي وكان أهل النار الذين هم أهلها في مرتبتهم في إنسانية العالم مرتبة ما ينمو من الإنسان فلا يتصف بالموت ولا بالحياة وكذا ورد فيهم النص من رسول الله ص إنهم لا يموتون فيها ولا يحيون وقال الله فيهم لا يموت فيها ولا يحيا والملائكة من العالم كله كالصور الظاهرة في خيال الإنسان وكذلك الجن فليس العالم إنسانا كبيرا إلا بوجود الإنسان الكامل الذي هو نفسه الناطقة كما إن نشأة الإنسان لا تكون إنسانا إلا بنفسها الناطقة ولا تكون كاملة هذه النفس الناطقة من الإنسان إلا بالصورة الإلهية المنصوص عليها من الرسول ص فكذلك نفس العالم الذي هو محمد ص حاز درجة الكمال بتمام الصورة الإلهية في البقاء والتنوع في الصور وبقاء العالم به فقد بان لك حال العالم قبل ظهوره ص إنه كان بمنزلة الجسد المسوي وحال العالم بعد موته بمنزلة النائم وحالة لعالم ببعثه يوم القيامة بمنزلة الانتباه واليقظة بعد النوم واعلم أن الإنسان لما كان مثال الصورة الإلهية كالظل للشخص الذي لا يفارقه على كل حال غير أنه يظهر للحس تارة ويخفى تارة فإذا خفي فهو معقول فيه وإذا ظهر فهو مشهود بالبصر لمن يراه فالإنسان الكامل في الحق معقول فيه كالظل إذا خفي في الشمس فلا يظهر فلم يزل الإنسان أزلا وأبدا ولهذا كان مشهودا للحق من كونه موصوفا بأن له بصرا فلما مد الظل منه ظهر بصورته ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا أي ثابتا فيمن هو ظله فلا يمده فلا يظهر له عين في الوجود الحسي إلا لله وحده فلم يزل مع الله ولا يزال مع الله فهو باق ببقاء الله وما عدا الإنسان الكامل فهو باق بإبقاء الله ولما سوى الله جسم العالم وهو الجسم الكل الصوري في جوهر الهباء المعقول قبل فيض الروح الإلهي الذي لم يزل منتشرا غير معين إذ لم يكن ثم من يعينه فحيي جسم العالم به فكما تضمن جسم العالم أجسام شخصياته كذلك تضمن روحه أرواح شخصياته هو الذي خلقكم من نفس واحدة ومن هنا قال من قال إن الروح واحد العين في أشخاص نوع الإنسان وإن روح زيد هو روح عمرو وسائر أشخاص هذا النوع ولكن ما حقق صاحب هذا الأمر صورة هذا الأمر فيه فإنه كما لم تكن صورة جسم آدم جسم كل شخص من ذريته وإن كان هو الأصل الذي منه ظهرنا وتولدنا كذلك الروح المدبرة لجسم العالم بأسره كما أنك لو قدرت الأرض مستوية لا نرى فيها عوجا ولا أمتا وانتشرت الشمس عليها أشرقت بنورها ولم يتميز النور بعضه عن بعضه ولا حكم عليه بالتجزي ولا بالقسمة ولا على الأرض فلما ظهرت البلاد والديار وبدت ظلالات هذه الأشخاص القائمة انقسم النور الشمسي وتميز بعضه عن بعضه لما طرأ من هذه الصور في الأرض فإذا اعتبرت هذا علمت إن النور الذي يخص هذا المنزل ليس النور الذي يخص المنزل الآخر ولا المنازل الأخر وإذا اعتبرت التي ظهر منها هذا النورة وهو عينها من حيث انفهاقه عنها قلت الأرواح روح واحدة وإنما اختلفت بالمحال الشمس كالأنوار نور عين واحدة غير أن حكم الاختلاف في القوابل مختلف لاختلاف أمزجتها وصور أشكالها ولما أعطيت هذا المنزل سنة إحدى وتسعين وخمسمائة وأقمت فيه شبه لي بالماء في النهر لا يتميز فيه صورة بل هو عين الماء لا غير فإذا حصل ما حصل منه في الأواني تعين عند ذلك ماء الحب من ماء الجرة من ماء الكوز وظهر فيه شكل إنائه ولون إنائه فحكمت عليه الأواني بالتجزي والأشكال مع علمك إن عين ما لم يظهر فيه شكل إذا كان في النهر عين ما ظهر إذا لم يكن فيه غير إن الفرقان بين الصورتين في ضرب المثل إن ماء الأواني وأنوار المنازل إذا فقدت رجعت إلى النور الأصلي والنهر الأصلي
(١٨٧)