المغفرة إلا بالذنب حيث علقها وقال عن صنف آخر من الملائكة إنهم يستغفرون لمن في الأرض فأنزل هؤلاء المغفرة موضعها ما قالوا مثل ما قال ذلك الصنف الآخر الذي حكى الله عنهم إنهم يستغفرون للذين آمنوا فتنوعت مشاربهم كما قالوا وما منا إلا له مقام معلوم والولي الكامل يدعو الله بكل مقام ولسان والرسل تقف عند ما أوحى به إليها وهم كثيرون وقد يوحى إلى بعضهم ما لا يوحى إلى غيره والمحمدي يجمع بمرتبته جميع ما تفرق في الرسل من الدعاء به فهو مطلق الدعاء بكل لسان لأنه مأمور بالإيمان بالرسل وبما أنزل إليهم فما وقف الولي المحمدي مع وحي خاص إلا في الحكم بالحلال والحرمة وأما في الدعاء وما سكت عنه ولم ينزل فيه شئ في شرع محمد ص يؤذن بتركه فلا يتركه إذا نزل به وحي على نبي من الأنبياء ع رسولا كان أو غير رسول ثم اعلم أنه من رحمة الله بعباده أن جعل حكم ما اختلفوا فيه إلى الله فنأخذ هذا من جهة علم الرسوم أن ننظر ما اختلفوا فيه وتنازعوا فإن كان لله ولرسوله حكم فيه يعضد قول أحد المخالفين جعلنا الحق بيده فإنا أمرنا أن تنازعنا في شئ أن نرده إلى الله ورسوله إن كنا مؤمنين فإن كنا عالمين ممن يدعو على بصيرة وعلى بينة من ربنا فنحكم في المسألة بالعلم وهو رد إلى الله تعالى من غير طريق الايمان وليس لنا العدول عنه ألبتة هذا حد علم الرسم وأما علم الحقيقة فإن المختلفين حكمهم إلى الله أي حكم ظهور الاختلاف فيهم إلى الله من حيث إن الأسماء الإلهية هي سبب الاختلاف ولا سيما أسماء التقابل يؤيد ذلك قوله في مثل هذا ذلكم الله ربي لأنه ليس غير أسمائه فإنه القائل قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن ولم يقل بالله ولا بالرحمن فجعل الاسم عين المسمى هنا كما جعله في موضع آخر غير المسمى فلما قال ذلكم الله ربي والإشارة بذا إلى الله المذكور في قوله فحكمه إلى الله فلو لم يكن هنا الاسم عين المسمى في قوله الله لم يصح قوله ربي والخلاف ظهر في الأسماء الإلهية فظهر حكم الله في العالم به فيحكم على الخلاف الواقع في العالم بأنه عين حكم الله ظهر في صورة المخالفين (وصل) في الأجور وهي الحقوق التي تطلبها الأعمال مخصوصة وهي حكم سار في القديم والمحدث فكل من عمل عملا لغيره استحق عليه أجرا والأجور على قسمين معنوية وحسية فإذا استأجر أحد أحدا على عمل ما من الأعمال فعمله فقد استوجب به العامل حقا على المعمول له وهو المسمى أجرا ووجب على المعمول له أداء ذلك الحق وإيصاله إليه والمؤجر مخير في استعمال الأجير في الظاهر مضطر في الباطن والأجير مخير في قبول الاستعمال في بعض الأعمال مقهور في بعض الأعمال وحكم الخيار ما زال عنه لأن له أن لا يقبل إن شاء وأن يقبل إن شاء فهو مخير في الظاهر مضطر في الباطن كالمؤجر له سواء فأول أجير ظهر في الوجود عن افتقار الممكن إلى الإيجاد وهو عمل الوجود في الممكن حتى يظهر عينه من واجب الوجود هو واجب الوجود فقال الممكن للواجب في حال عدمه أريد أن أستعملك في ظهور عيني فالإيجاد هو العمل والوجود هو المعمول والموجود هو الذي ظهر فيه صورة العمل فكل معمول معدوم قبل عمله فقال له الحق فلي عليك حق إن أنا فعلت لك ذلك وأظهرتك وهذا الحق هو المسمى أجرا والذي طلب المؤجر من المؤجر يسمى إجارة والمؤجر مخير في نفسه ابتداء في تعيين الأجر فإن شاء عين له ما يعطيه على ذلك العمل وإن شاء جعل التعيين للمؤجر والمؤجر مخير في قبول ما عينه المؤجر إن كان عين له شيئا أورده وإن تبرع المؤجر بالعمل من نفسه وقال لا آخذ على ذلك أجرا فله ذلك ولكن لا يزول حكم القيمة من ذلك العمل لأن العمل بذاته هو الذي يعين الأجر بقيمته فإن شاء العامل أخذه وإن شاء تركه ولا يسقط حكم العمل إن أجره كذا وهذه مسألة عجيبة تدور بين اختيار واضطرار في المؤجر والمؤجر وكل واحد مجبور في اختياره غير إن الحق لا يوصف بالجبر والممكن يوصف بالجبر مع علمنا أنه ما يبدل القول لديه ولا يخرج عن عمل ما سبق في علمه إن يعمله وعن ترك ما سبق في علمه إن يتركه وليس الجبر سوى هذا غير أن هنا عين الذي يجبره هو عين المجبور إذ ما جبره إلا علمه وعلمه صفته وصفته ذاته والجبر في الممكن أن يجبره غيره لا عينه ولو رام خلاف ما جبر عليه لم يستطع فهو مجبور عن قهر مخير بالنظر إلى ذاته وفي الأول جبر بالنظر إلى ذاته مخير بالنظر إلى العمل من حيث المعمول له فاتفق الممكن مع الواجب الوجود أنه إن عمل فيه الإيجاد وظهرت عينه إنه يستحق عليه أي على الممكن في ذلك أن يعبده ولا يشرك به شيئا وأن يشكره على ما فعل معه من إعطائه الوجود بالثناء عليه بالتسبيح بحمده فقيل الممكن ذلك فأوجده الحق سبحانه فلما
(١٦٧)