فالنجد الواحد تكون غايته أنت في هو والنجد الآخر يكون غايته هو في أنت وأما عند قوم آخرين فالنجد الواحد تكون غايته أنت عين هو والنجد الآخر تكون هو عين أنت وأما عند قوم آخرين فيكون غاية النجدين هو وعين النجدين أنت وعين السالك هو وأما عند قوم آخرين فيكون غاية النجدين وعين النجدين وإنهما عين اليدين وعين السالك أنت وكل من ذكرناه على صراط مستقيم فتعويج القوس للرمي عين صراطه المستقيم فلا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك فما زلنا من الخلاف لأنهم قد خالفوا المختلفين ولذلك خلقهم فما تعدى كل خلق ما خلق له فالكل طائع وإن كان فيهم من ليس بمطيع مع كونه طائعا ولما كان الاستواء صفة للحق على العرش وخلق الإنسان على صورته جعل له مركبا سماه فلكا كما كان العرش فلكا فالفلك مستوي الإنسان الكامل وجعل لمن هو دون الإنسان الكامل مركبا غير الفلك من الأنعام والخيل والبغال والحمير ليستوي الإنسان على ظهور هذه المراكب وشاركهم في ركوبها الإنسان الكامل فالكامل من الناس يستوي على كل مركوب وغير الكامل لا يستوي على الفلك إلا بحكم التبعية لا لعينه كما ورد في اليقين حين قال ع في عيسى ع لو ازداد يقينا لمشى في الهواء يشير إلى إسراءه ومعلوم أن عيسى ع أكثر يقينا منا لا من النبي ص ونحن نمشي في الهواء بحكم التبعية لمن نحن أمته ص لا بأنا أكثر في اليقين من عيسى ع كما إن أمة عيسى ع قد مشت على الماء كما مشى ع على الماء ولكن نعلم وإن كان الأمر في هذا في حقنا بحكم التبعية أن كل الأمة ما مشت في الهواء كما مشى محمد ص لأنه لم يكن بعض أمته تابعا له في كل ما أمر بأن يتبع فيه فمن وفى بحق اتباعه كان له حكمه كما قال ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وأين المشي في الهواء في الشرف لمن يكون الحق سمعه وبصره في الدؤوب على نوافل الخيرات المنتجة أو المنتج ذلك الدؤوب عليها لمحبة الله إياه وتلك المحبة أنتجت له أن يكون الحق سمعه وبصره فهذا معنى قولنا بحكم التبعية لما أمر به ونهي عنه لا من كوننا أمة له فقط بل من المجموع وهو اتباع خاص لأنه نبي معين خاص دون غيره فيورث اتباع شريعته بالعمل ما يكون عليه من أحوال رسول تلك الشريعة وهذه عناية من الله تعالى فإن أمة كل نبي لا تطيق حال نبيها إذ لو أطاقته لكانت مثلا له فتستقل بالأمر دونه وليس الأمر كذلك فإنه لو طلع حيثما طلع لا يزال تابعا وقد أبان ص عن مثل هذا فقال من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها فله الزيادة عليهم بما له من أجرها الزائد على أجر العاملين بها وليس لهم ذلك الأجر الخاص به فلا يلحقونه أبدا في ذلك المقام فهم تابعون له دنيا وآخرة وكشفا والرسل ع منهم ظهرت السنن فلا تزال أممهم أتباعا لهم أبدا واعلم أن الله تعالى لما كان له مطلق الوجود ولم يكن له تقييد مانع من تقييد بل له التقييدات كلها فهو مطلق التقييد لا يحكم عليه تقييد دون تقييد فافهم معنى نسبة الإطلاق إليه ومن كان وجوده بهذه النسبة فله إطلاق النسب فليست نسبة به أولى من نسبة فما كفر من كفر إلا بتخصيص النسب مثل قول اليهود والنصارى عن أنفسهم دون غيرهم من أهل الملل والنحل نحن أبناء الله وأحباؤه فإذ وقد انتسبوا إليه كانوا يعمون النسبة وإن كانت خطأ في نفس الأمر فقال لهم الله فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يقول تعالى النسبة واحدة فلم خصصتم نفوسكم بها دون هؤلاء وإن أخطأتم في نفس الأمر فخطؤكم من عموم النسبة أقل من خطئكم من خصوصها فإن ذلك تحكم على الله من غير برهان وأما طائفة أخرى فجعلوا لله ما يكرهون فقالوا الملائكة بنات الله فحكموا عليه بأنه اصطفى البنات على البنين فتوجه عليهم الحكم بالإنكار في حكمهم مع كونهم يكرهون ذلك لنفوسهم مع كونهم يقولون في الشركاء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى مع كونهم جعلوا لله جزءا من عباده فلو أضافوا الكل إليه لم يكن ذلك من الكفر الظاهر بل يكون الحكم فيه بحكم ما نسبوا فإن وقعت النسبة العامة للخلق بكونهم عبيدا سعدوا وإن وقعت بالنبوة طولبوا بما قصدوا فإن استندوا ذلك إلى خبر إلهي سلموا بل سعدوا مثل قوله لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى فأجاز التبني بل فيه رائحة من كون جبريل تمثل لمريم بشرا سويا وقد وصف الحق تعالى نفسه بالتحول في الصور وأجرى أحكامها عليه وهو علم يومى إليه لأجل الايمان ولا يفشي في
(١٦٢)