على طائفة مخصوصة يقتل الآخر منهما فلا تماثل في تلك الطائفة أو في العموم بحسب ما يعطيه الوقت فلو لا حكم الإرادة وجودا وتقديرا لما أمر بقتل الآخر والقتل زوال من صفة الحكم فزل أنت يبقى هو فإنك الآخر فإن قال بعض العارفين فالأول هنا ليس بخليفة قلنا هو خليفة حقا عن أمر إلهي ونهي عن المشاركة فيما أمر به من خلافته عنك فقال رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا والوكيل بلا شك خليفة الموكل فيما وكله فيه وقال أن لا تتخذوا من دوني وكيلا فنهي أن نتخذ وكيلا غيره فكونه إلها ما هو كونه وكيلا ونحن إنما تكلمنا في الوكالة وهي الخلافة وفي الوكيل وهو الخليفة كما ينظر باعتبار آخر قوله لنا وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فلنا الإنفاق بحكم الخلافة والإنفاق ملك لنا والإنفاق تصرف فجعلناه عن أمره وكيلا عنا في الإنفاق أي خليفة لعلمنا بأنه يعلم من مواضع التصرف ما لا نعلمه فهو المالك وهو الخليفة فما ميز الله المراتب وأبانها لنا وظهر بأسمائه في أعيانها وتجلى لنا فيها إلا لننزله في كل مرتبة رأيناه نزل فيها فنحكم عليه بما حكم به على نفسه وهذا هو أتم العلم بالله أن نعلمه به لا بنظرنا ولا بإنزالنا تعالى الله الخالق أن نحكم عليه بما خلق دون أن يظهر له فيما حكم به عليه فيكون هو الحاكم على نفسه لا أنا وهذا معنى قول العلماء إن الحق لا يسمى إلا بما سمي به نفسه إما في كتابه أو على لسان رسوله من كونه مترجما عنه فمن أقامه الله في مقام الترجمة عنه بارتفاع الوسائط أو بواسطة الأرواح النورية وجاء باسم سماه به فلنا أن نسميه بذلك الاسم وسواء كان المترجم مشرعا لنا أو غير مشرع لا يشترط في ذلك إلا الترجمة عنه حتى لا نحكم عليه إلا به فإنه القائل تعالى إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا تميزون به وتفرقون بين ما ينبغي له وما ينبغي لكم فيعطي كل ذي حق حقه فله المقاليد وله الفتح بها ودونها ولنا الفتح بها وما هي لنا بل هي بيده وما كان بيده فليس يخرج عنه لأنه ما ثم إلى أين فهو المعطي والآخذ لأن الصدقة تقع بيد الرحمن واعلم أن الوحي الإلهي إنما ينزل من مقام العزة الأحمى ولهذا لا يكون بالاكتساب لأنه لا يوصل إلى ذلك المقام بالتعمل ولو وصل إليه بالتعمل لم يتصف بالعزة فينزل الوحي لترتيب الأمور التي تقتضيها حكمة الوجود ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا يخالف ترتيب حكمة الوجود وليس إلا من الله فهو في غاية الأحكام والإتقان الذي لا يمكن غيره فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه أعطاه خلقه وأنزله في منزلته التي يستحقها فانظر هذه القوة الإلهية التي أعطاها الله لمن أنزل عليه الوحي الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله فإنهم علموا قدر من أنزله فرزقهم الله من القوة ما يطيقون به حمل ذلك الجلال فإذا سمعوا في الله ما يخالف ما تجلى لهم فيه تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وقد سمع ذلك أهل الله ورسله وما جرى عليهم شئ من ذلك لما أعطاهم من قوة العلم إذ لا أقوى من العلم فتجلى لهم في قوله لو أراد الله أن يتخذ ولدا ولو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا فعلم أهل الله من رسول ونبي وولي ما لم تعلمه السماوات والأرض والجبال من الله فأنتج لهم هذا العلم بالله قوة في نفوسهم حملوا بها ما سمعوه من قول من قال إن المسيح ابن الله وإن عزيرا ابن الله ولم يتزلزلوا ولو نزل ذلك على من ليست له هذه القوة لذاب في عينه لعظيم ما جاءه فانظر ما أكثف حجاب من اعتقد أن لله ولدا وما أشد عماه عن الحقائق وما مر علي في التجلي الإلهي أمر حيرني وأضعف قوتي أشد من قول الملائكة ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم والله يقول ما على المحسنين من سبيل وأي إحسان أعظم ممن ثاب واتبع سبيله وقول نوح وهو من الكمل من أهل الله ولمن دخل بيتي مؤمنا فهذا كأنه أبقى شيئا فإنه ما طلب المغفرة إلا للمؤمن ولم يذكر اتباع سبيل الله لأن المؤمن قد يكون مخالف أمر الله ونهيه والله يقول للمسرفين على أنفسهم إن الله يغفر الذنوب جميعا فهذا الصنف من الملائكة قاموا في مقام الأدب فحكم عليهم بهذا القول ايثارا للجناب الإلهي على الخلق ولهذا قدموا وأخروا وما أخبر الله عنهم في قوله قبل هذا الدعاء وسعت كل شئ رحمة وعلما ففيه روائح طلب المغفرة للمسيئين وأخروا أيضا قولهم وقهم السيئات أن تقوم بهم فإنه أتم في العناية ومن تق السيئات يومئذ أي يوم تقيه فقد رحمته وهو قولهم وسعت كل شئ رحمة فجاء ما ذكروه في الوسط بين هذين كأنه إيثار للجناب الإلهي كما يقول النبي ص في القيامة سحقا سحقا وما علق الله
(١٦٦)